شعرة معاوية
( إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي و لا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ، و لو أن بيني و بين الناس شعرة ما انقطعت ، كانوا إذا مدّوها أرخيتها ، و إذا أرخوها مددتها ) هي مقولة معاوية بن أبي سفيان عندما سأله أعرابي كيف حكمت الشام أربعين سنة و لم تحدث فتنة و الدنيا تغلي.
هذه المقولة ممكن أن تكون نبراساً في الأحكام السياسية لكن هي تدخل في سياسة الأنسان لحياته ، فلو طبّق الإنسان مع نفسه قاعدة شعرة معاوية لأعطى كل شيئ حجمه الطبيعي و تغاضى عما لا يستحق النظر و هنا يجب أن نسأل الأسئلة التحقيقية
هل يراودك احساس الفرح و الحزن على الأحداث بطريقة مبالغ فيها ؟
هل تستمع لبعض التعليقات الكثيرة التي تصف مزاجيتك ؟
هل لديك الشعور العميق بالذنب لدرجة جلد الذات و فقدان الثقة بالنفس ؟
هل أنت أسير لبعض العادات السلبية التي تُخل التوازن في حياتك ؟
لو معظم الاجابات كانت " نعم " هذا يعني فقدانك التوازن في حياتك .
لذا كانت شعرة معاوية هي الوسطية بين الشدةّ و اللّين ، بين الإدبار و الإقبال ، بين الحب الغامر و القليل من الصرامة كأم أو أب أو زوج أو مدير
و كما يقول المثل العامّي الخليجي < لا تكثر الدّوس يملونك ، لا أنت ولدهم و لا طفل يربونك >
ولشعرة معاوية أهمية في تعاملك مع الناس عندما تجد مثلاً ارتفاع صوت مكُلمك ، فإما أن تلبي نداء الشيطان وترفع صوتك أيضاً أو تلبي نداء قرارك بأن لن يستطيع أحد استفزازك و دفعك للغضب . وهذا ما يلهمنا بالصحابي الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أوصني ، فردد مراراً ، قال: لا تغضب"
فعدم الغضب هو قرار يجب اتخاذه ، صحيح أننا نملك مشاعر و انفعالات لا نستطيع التحكم بها و لكن أستطيع أن أتحكم بأن لا أُظهرها في هيئة غضب . و العصبية سلوك مكتسب ناتج عن تصور معين عقلياً ، ف تأتي أفكار توصلك إلى هذه المرحلة من الغضب . و أي سلوك مكتسب هو قابل للتغيير و لكن بقرار داخلي و إرادة و تدريب و ممارسة .
هو ليس فقط سبب بعض الأمراض التي قد تصيبك ، بل ينتج عنه أيضاً الكثير من المشاكل التي تحصل بين الناس ( الطلاق، السُباب، القتل..) كل هذه التصرفات بدايتها كان غضبة ، و لو عُولج الغضبُ بغضبْ ، لانقطعت شعرة معاوية.
لذا كان لا بد من التوازن في مختلف نواحي الحياة ، مابين الأدوار و المسؤوليات الوظيفية و الشخصية و الأسرية و الاجتماعية ، و أن تقدّر لكل عمل قدره.
بقلم نهى زغلولة
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك