أسرى الإدمان، والطريق نحو الحرّية من جديد - 4 - علي سويدان

 أسرى الإدمان، والطريق نحو الحرّية من جديد 4

أسرى الإدمان، والطريق نحو الحرّية من جديد - 2

سنكمل الحديث عن باقي الجوانب المُتّبعة في رحلة العلاج. 

الجانب الطِّبي :

هنالك مجموعة من برامج العلاج المُتّبعة أثناء فترة العلاج. 

•    برامج قائمة على إقامة كاملة في مصحّة نفسيّة للعلاج:

هذه الطريقة تُسمَّى residential treatment وعلى حسب مُدّة الإقامة في المصحّة تُقسَم إلى نوعين:

1.     لو أردت المكوث في المصحّة لفترة طويلة، ونُسمِّي هذا النّوع long term residential treatment أو الإقامة طويلة المدى، وهذه المرحلة تبدأ من الإقامة ستّة أشهر في المصحّة وصولا إلى سنة كاملة.
2.    لو أردت تقليل مدّة الإقامة في المصحّة سوف يُتَّبع معك برنامح يُسمَّى short term residential treatment ،في هذا النِّظام تمكث في المصحّة فترة قصيرة خلال المراحل الأولى للعلاج، ثُمَّ تُتابع مع طبيب مُتخصِّص من خلال نظام الجلسات. 

•    برامج علاجيّة أُخرى تتم على جلسات مع أخصائي علاج الإدمان:

نلجأ إلى هذه البرامج إذا كان المُتعاطي لا يُحبّ الإقامة في المصحّة، أو الوقت لا يسمح له بالإقامة نتيجة الالتزام بعمل ما أو أنت طالب ولديك التزامات جامعيّة. 

هنا سوف نتّبع معك هذه الطريقة الّتي لا تحتوي إقامة في المصحّة، ونُسمِّي هذه الطريقة out-patient treatment. 

تعتمد هذه الطريقة على المتابعة مع الطبيب أو أخصائي علاج الإدمان من خلال عدد مُحدّد من الجلسات الاسبوعيّة، أو من خلال البقاء في المُستشفى فترة تتراوح بين أربعة إلى ستّة ساعات يوميّاً لِمُدّة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أيّام في الأسبوع. 

يقوم المدمن في هذه الطريقة بترتيب المواعيد هذه بالاعتماد على مواعيد العمل أو الدّراسة. 

رحلة العلاج من الإدمان يمرُّ فيها الشّخص بأكثر من مرحلة :

1.     إدراكُكَ بأنَّك واقع في مشكلة وأنتَ بحاجة إلى علاج يُخلّصُكَ من إدمانك للمخدّرات. 
2.     يكون لديك رغبة في التّغيير، وطموح بإكمال حياتك بصورة أفضل. 
3.     تبدأ في البحث عن الاختيارات المُتاحة أو الطُّرق الّتي يتم من خلالها العلاج. 

وغالباً لو وصلت إلى هُنا في قراءة المقال، فلقد مررت بجميع ما سبق من هذه المراحل. 

خطوات أو مراحل العلاج داخل المركز (المَصح) ، أو من خلال الأخصّائي الّذي تتابع معهُ رحلة العلاج:

•     1.الكشف الطّبي على المريض،

 وذلك لتحديد حالته الصّحيّة، والخطّة الّتي سوف تُتَّبع أثناء العلاج. 

•     2.التقييم النفسي للمريض،

 وهنا يقوم الطبيب النفسي بتقييم الحالة النفسية للمدمن، ويرى إذا ما كان لديه مشاكل نفسية مثل القلق أو الاكتئاب أوغيرها من الأمراض النّفسيّة بحيث يتم التّعامل مع هذه المشاكل، وهذا الأمر يزيد من فرص التّعافي ويُقلّل حدوث الانتكاسات. 

•     3.مرحلة ال detox وهي الأهم، 

لأنها تعتبر البداية الفعلية للعلاج، لأنّك في هذه المرحلة يتم سحب المُخدّر من جسمك بشكل تدريجي، وتعتبر هذه الخطوة من أصعب المراحل بالنّسبة للمدمن خلال فترة العلاج، لأنها تبدأ أعراض الانسحاب تظهر عليه، وذلك بسبب حدوث تغييرات في الدّماغ،

 هذه الأعراض تشمل :

•     صداع. 
•     إسهال. 
•     أرق وعصبيّة. 
•     عدم القدرة على التركيز. 
•     بالإضافة إلى احتمالية المعاناة من رعشة وتشنجات عضلية وغيرها من الأعراض. 

ولكي يتم التّعامل مع هذه الأعراض يستخدم الطبيب بعض الأدوية الّتي من الممكن أن يكون لها تأثير في تقليل هذه الأعراض أو علاجها بشكل كامل، كذلك تقلّل من احتمالية حدوث انتكاسات. 

تتراوح مدّة هذه المرحلة (Detox) من ثلاثة إلى سبعة أيّام ومن الممكن أن تكون أكثر من ذلك حسب نوع المُخدّر. 

بعد انتهاء هذه المرحلة (detox)، سننتقل للحديث عن المرحلة الثّالثة من مراحل العلاج وهي مرحلة العلاج النّفسي المعرفي. 

جانب العلاج السلوكي المعرفي :

هنالك عدّة طرائق وبرامج مُتّبعة في آلية العلاج هذه. 

أوّل برنامج يُسمّى out-patient behavioral treatment 

وهذا  البرنامج نافع مع الأشخاص الذين ليس لديهم الوقت الكافي والإمكانيّة للإقامة بالمصحّة، وتتم من خلال عدّة جلسات مع طبيب ومعالج نفسي وخلال هذه الجلسات يتم مساعدة المريض للتعديل على سلوكياته والتعرُّف على المواقف الّتي تدفعهُ إلى تعاطي هذا المُخدّر بحيث يقوم بتجنّبها في الفترات القادمة، كذلك يتم إشراك الأسرة وتدريبهم على التّعامل مع المريض خصوصاً إذا كان هذا المريض في فترة المراهقة. 

ثاني البرامج المستخدمة في العلاج السلوكي يستخدم مع المقيمين في المصحّة ويُسمّى therapeutic community 

ويعني المجتمع العلاجي ،وهي مثل المصحّة تحتوي على جميع وسائل الرّاحة والترفيه، يقيم فيها الشخص مدة زمنية تتراوح بين ستّة أشهر إلى سنة، فيها يتم تكوين مجموعات تحتوي على مجموعة من الأشخاص هدفهم هو العلاج والتّخلُّص من الإدمان، فيقوم كل شخص منهم بالحديث عن تجربته ومشاركتها مع الآخرين، 

خاصة لو كان هذا الشخص قد وصل إلى مرحلة مُتقدّمة من العلاج، أو تعافى من الإدمان بشكل كامل، يعد هذا الشخص نموذج بالنّسبة للآخرين ويُطلق عليه role model.

هنا كل شخص يستفاد من الآخرين، ويقومون جميعا بمساعدة ومساندة بعضهم البعض للوصول إلى الهدف المشترك وهو التّعافي من الإدمان.

هذا النوع من العلاج- بالإضافة إلى العلاج المعرفي والسلوكي الّذي يُقدّم للمدمنين-أيضاً يساعدهم على تعلُّم مهارات جديدة مثل مهارة الرّسم والكتابة والقراءة وغيرها من الأعمال والواجبات الّتي يتم تكليف المُدمنين فيها،

 والغرض من هذا مساعدتهم على معرفة أهمية العمل وتحمُّل المسؤوليّة، والانخراط في المجتمع بصورة فعّالة، 

بعد انتهاء فترة العلاج يتم المتابعة مع طبيب على المدى الطّويل وذلك لتقليل حدوث الانتكاسات.

إلى هنا نصل إلى ختام هذا المقال، أتمنّى أن ينال إعجابك..

إن أخطأت فمن نفسي، وإن أحسنت فمن الله.. 

إلى اللّقاء.. 

بقلم الدكتور علي سويدان