آلية تأثير الحياة الرقمية على عقولنا
من كتاب حضارة السمكة الحمراء
-الجزء الثاني -
آلية تأثير الحياة الرقمية على عقولنا...من كتاب حضارة السمكة الحمراء١ |
تكلمنا في الجزء الأول من مقالنا عن الشركات التقنية العملاقة التي تستطيع معرفة سلوكيات الاشخاص و ما يفضله كل شخص وتعرف عاداته وتسجل ردات فعله فتصمم له المواقع والتطبيقات الملائمة له لتجعله يقع في شباكها ويدمن عليها ونتيجة لذلك أصبح الشخص عارياً بخصوصياته التي تصبح عرضة للاستغلال الاقتصادي كل يوم ...
وتحدثنا عن
التأثيرات النفسية الناجمة عن هذه المنصات قد ذكرنا منها :
أولا :الإدمان على هذه المواقع
وفي الجزء الثاني سنكمل ونتحدث عن ...
ثانيا: الهشاشة العقلية:
بالطبع هذه الشركات تحاول تغييب العقل عند المستخدم وجعله يعتمد عليها ويدمن عليها بشكل كامل عن طريق الهشاشة العقلية للأشخاص الناتجة عن إدمانهم للحياة الرقمية وتظهر هذه الهشاشة في أربعة أشكال:
- الشكل الأول متلازمة القلق :
الاحتياج الدائم لاستعراض اللحظات مهما كانت تافهة على المواقع كنشر القصص أو المنشورات على فيسبوك أو انستغرام أو غيرها وإن هذا القلق يتولد نتيجة عدم الحصول على الصورة المناسبة لنشرها أو إن هذه الصور لن تنال كمية الإعجابات أو التعليقات المنتظرة
- أما الشكل الثاني فهو تفكك الشخصية:
إن بعض الأشخاص يقومون بإنشاء أكثر من حساب ولكل حساب هوية معينة فمثلا حساب يكون فيها شخص ناجح مدير لشركة وفي الحساب الآخر هو شخص فنان يحب السفر فلا يستطيع هذا الشخص التمييز في الهويات التي صنعها لنفسه وبين هويته وشخصيته الحقيقية.
- الشكل الثالث يكون عبارة عن خوف من النسيان من قبل الأصدقاء على مواقع التواصل
فأنت بحاجة للنشر باستمرار والقيام بالإعجابات والتعليقات لتبقى في ذهن أصدقائك وأيضا عند حصولك على تفاعل قليل على منشوراتك فهذا سيسبب لك الاكتئاب لأنك لم تحصل على الرضا الكافي وأنت عندها شخص معرض للنسيان.
- الشكل الرابع هو الغضب المبطن:
الذي ينتج عن البحث عن حياة الأشخاص ورؤية منشوراتهم أو حياتهم وحتى إن كانت غير حقيقية فمثلا إذا رأيت شخصا كل شهر يحصل على ترقية في عمله ويشارك هذا الإنجاز فهذا ما يسبب عدم رضا لك وتدخل دوامة الاكتئاب والإحباط.
فالسؤال الحقيقي هل يمكن التحكم في الشركات الرقمية ؟؟؟
التي أصبحت قادرة على التدخل في العمليات الانتخابية وحتى في النزاعات والحروب وأصبحت تتحكم في أكبر الشركات الاقتصادية ؟
الجواب هو... علينا أن نخوض عدة معارك ونطبق عدة وصفات:
- أولا علينا محاربة الأفكار الخاطئة التي تغذيها مواقع التواصل
مثل وجود آلية ضبط ذاتي تكون كيد خفية لتصحيح الخلل الاجتماعي والنفسي والوظيفي الناتج عن التطور الرقمي
- ثانيا التفاوض حول الضوابط التي تحكم المواقع الرقمية
والخوارزميات التي تسبب جذب المستخدمين
- ثالثا إنشاء عروض رقمية
لا تعتمد على اقتصاد الانتماء للإفلات من مصالح السيطرة وسوق الإعلانات لتكون عروض ذو طوابع إنسانية منفتحة على ثقافات أخرى وتحوي أدوات ضبط للوقت والتنبيه في حالة فرط استخدام المواقع
أما الوصفات...
فتشمل الابتعاد عن هذه الاشياء المثيرة لاستعادة ذاتنا الحقيقية
وهذا لا يعني الابتعاد بشكل نهائي عن العالم الرقمي بل الاعتدال في استخدامها و عليك اللجوء إلى ملاذ آخر كالقراءة مثلا أو الرياضة
هنا أنت بحاجة إلى هروب من مواقع التواصل بحاجة عوازل تمنع وصول كل الأخبار والمنشورات لك وعليك أن تبتعد عن الهاتف
خصوصا داخل العائلة ومنع استخدام الموبايل أثناء تناول الطعام وفي لحظات المشاركة الاجتماعية.
بقلم دنيا عبد الله 📚
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك