المضاد الحيوي، صديق اليوم عدو الغد
- الجزء الأول -
المضاد الحيوي، صديق اليوم عدو الغد |
تاريخ اكتشاف المضاد الحيوي:
في عام ألف وتسعمئة وثمانية وعشرين كان هنالك عالم يُسمَّى Aliexander Fleming كان يقوم بتجارب على البكتيريا في المعمل الخاص به.
بالصُّدفة تلوّثت- إحدى المزارع البكتيريّة الّتي يقوم بإجراء التّجارب عليها - بفطر البنسيليوم.
لاحظ هذا العالم أنّ البكتيريا لا تنمو بالمكان الّذي تنمو فيهِ هذه الفطور، ولأنّ العالم Alexander Fleming شديد الملاحظة ،استنتج أنّ هذا الفطر يفرز مادّة تقوم بقتل البكتيريا.
المشكلة الّتي واجهت العالم Fleming هو عدم امتلاكهُ للقدرة العلميّة والمادّية والمعمليّة الّتي ستساعدهُ على استخراج هذه المادّة الفعّالة من الفطر.
ثمّ جاء طبيبان هما dr. Howard Florey و dr. Ernst chan قام كلاهما بمساعدة العالم Fleming على استخراج المادة الفعالة من الفطر.
أوّل مريضة تمّت معالجتها بحقن البنسلين بعد أن كانت على وشك الموت جرّاء عدوى بكتيريّة هي Anne Miller، بالإضافة إلى ذلك تمّ إنقاذ عدد كبير من الجنود أثناء الحرب العالمية الثانية، لذلك أُطلق على البنسلين اسم الدّواء المعجزة.
الدّواء كان يُستخلص من كائن حي هو الفطر، واستُخدم للقضاء على البكتيريا المُضرّة، لذلك سُمِّي بالمضاد الحيوي أو Antibiotic.
عندما فهمت شركات الأدوية التركيب الكيميائي للمضاد الحيوي وطريقة عمل هذا الدّواء، بدؤوا يقومون بتصنيع مضادات بكتيريّة صناعيّة، وأصبح أي دواء مضاد للبكتيريا يُطلق عليه مضاد حيوي.
تُستخدم المضادات الحيويّة في علاج الحالات المرضيّة الّتي سببها البكتيريا (العدوى البكتيريّة)، وقصّة اكتشاف هذا الدواء توضّح هذا الأمر.
الكائنات الحيّة المسببة للأمراض:
عزيزي القارئ رُبّما لا يكون لديك علم ما معنى بكتيريا، حسنا لا تقلق سوف أقوم بشرحها لك بشكل بسيط ومفهوم.
البكتيريا:
هي واحدة من الكائنات الحيّة الدّقيقة الموجودة حولنا في كل مكان، وهي لا تعدُّ الكائن الحي الوحيد المُسبِّب للأمراض الّتي تُصيب الإنسان.
نعم عزيزي القارِئ هنالك مجموعات أخرى من الكائنات الحيّة الدّقيقة الّتي تسبب لك الأمراض، وهذه الكائنات أيضا توجد حولنا في كل مكان.
وبناءً على هذا قام العلماء بتقسيم الكائنات الحيّة الدّقيقة إلى 4 مجموعات :
- أوّل مجموعة تُسمّى البكتيريا وهي تسبّب أغلب العدوى الّتي تترافق مع صديد(وهو الإفراز الّذي يخرج من الجرح المُلتهب)
- مجموعة ثانية تُسمّى الفيروسات وهي مثل فايروس الإنفلونزا، فايروس البرد، فايروسB، فايروس C، الفيروسات الكبدية، وغيرها من الفيروسات.
- مجموعة ثالثة تُسمّى الطفيليات، ومثال عنها الديدان المعويّة.
- المجموعة الرّابعة والأخيرة هي مجموعة الفطريات، وتُسبّب أمراض مختلفة أشهرها الأمراض الجلديّة مثل فطر كف القدم الّذي يصيبك عندما تقوم بارتداء الحذاء لفترات طويلة.
هذه الأربع مجموعات تختلف كل منها عن الأخرى بكل مما يلي:
- تركيبها.
- طريقة العدوى.
- الأمراض الّتي تسببها.
- لكل مجموعة دواء وعلاج مختلف عن غيرها.
سوف أقوم بطرح مثال يُقرّب هذه الفكرة إلى ذهنك عزيزي القارِئ، ابقَ معي.
لنفترض أن هذه المجموعات الأربعة هي عبارة عن أربع جيوش، هدفهم الهجوم على جسم الإنسان.
وعلى اعتبار أنّ كل جيش مُتحصّن بقلعة لها باب ضخم، وهذا الباب لا يُفتح إلّا عن طريق مفتاح خاص به مُختلف عن مفاتيح باقي الأبواب لباقي القلاع.
الأدوية الّتي تأخذها هي من تقوم بدور المفاتيح.
هذا يعني يا عزيزي القارِئ أن الدواء الّذي سوف نعالج به مرض سببه بكتيري، مُختلف عن الدّواء الّذي سوف نعالج به مرض سببه فيروسي، ومُختلف عن الدّواء الّذي سوف نعالج به مرض سببهُ فطري، ومُختلف عن الدواء الّذي سوف نعالج به مرض سببه طفيلي.
دور المضاد الحيوي في معالجة الأمراض البكتيريّة :
يُعدُّ المضاد الحيوي بمثابة المفتاح الّذي سيقوم بفتح باب القلعة الّتي تتحصّن فيها البكتيريا، فهو له دور مساعد في تخلُّص الجسم من هذه الكائنات، والشِّفاء منها.
لكنّهُ لا يُقدّم أي علاج إذا كان السبب وراء إصابتك بالمرض كائنٌ فيروسي، فهو ليس لديه القدرة على مساعدة جسمك في فتح باب القلعة الّتي يتحصّن فيها الفيروسات، لأنّهُ وكما قلنا سابقاً في مثالنا : المفتاح لديه القدرة على فتح باب واح فقط.
وبناءً على ما سبق فإنّ المضاد الحيوي يعالج الأمراض الّتي يكون السبب وراء إصابتك بها البكتيريا، ولا يعالج الأمراض الّتي يكون السبب وراء إصابتك بها كائن فيروسي أو طفيلي أو فطري، وهذه القاعدة مهمّة جدّاً لا تنساها.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك