أكملنا في مقال سابق " الجزء الثاني " الحديث عن السّاعة البيولوجيِّة، فبعد أن افتتحنا المقال بالحديث عن عناوين ذكرناها في "أوّل مقال " خاص بهذا الموضوع،
تطرّقنا للإجابة عن أهم الأسئلة،
وهو آلية عمل السّاعة البيولوجيِّة، ...
فتحدّثنا عن أهم الهرمونات الّتي تخضع لتأثير السّاعة، ما هي هذه الهرمونات؟
كيف تؤثّر في الجسم؟
وغيرها من التّفاصيل الّتي ساعدتنا بشكل كبير في الإجابة والاستفاضة بشرح هذهِ الآلية، ثمَّ أنهينا المقال بذكر مجموعة من التّصرُّفات الخاطئة ،
والّتي نقوم بها يوميِّاً وتؤثّر بشكل كبير على هذه السّاعة، وتعرقل عملها.
سننهي في هذا المقال موضوع السّاعة البيولوجيِّة، بحيث - إن شاء الله - تصبح لديك معرفة جيِّدة حولها وحول آلية عملها وحول تفاصيل سنقوم بذكرها في مقالنا هذا.
ماذا يحصل في جسمك خلال اليوم؟
لو افترضنا أنَّ موعد النَّوم الخاص بك يكون السّاعة الثّانية عشر بعد منتصف الليل،
فعندما تصبح
السّاعة التَّاسعة مساءً
تبدَأ نسب الميلاتونين (المنوِّم) ترتفع وتزداد في جسمك بشكل تدريجي، وأصبح لديك علم بأنَّ إفراز الميلاتونين يتم استجابةً لعدم وجود الضّوء.
وعندما نصل إلى
السّاعة العاشرة والنّصف مساءً
، تبدأ حركة الأمعاء تقل،
في السّاعة الثانية عشر بعد منتصف الليل
(ميعاد النّوم) ، تكون قد وصلت نسب هرمون الميلاتونين (المُنوِّم)، إلى أعلى نسبة لها في الدّم، وبالتّالي لا تلبث أن تُغمض عينيك وتنام.
بعد الساعة الثانية عشر من منتصف الليل
حتّى السّاعة الثانية صباحاً
تكون قد وصلت إلى مرحلة النّوم العميق.
في مرحلة النّوم العميق الّتي تُعدُّ المرحلة الأخيرة من نوم حركة العين غير السّريعة (تعرف باللّغة الأجنبيّة بNREM، وهي عبارة عن ثلاث مراحل، سوف نستفيض بالحديث عنها في مقال لاحق) ، وفي هذهِ المرحلة تكون الموجات الدّماغيّة أبطأ ما يمكن، حيث تكون الخلايا العصبيّة قادرة على الرّاحة، وفي هذه الأثناء ينخفض لديك كل من :
- معدّل التنفُّس.
- معدّل ضربات القلب.
- نشاط الدّماغ.
في السّاعة الرابعة والنّصف فجراً
، درجة حرارة جسمك تقل، إلى أن تصل إلى أخفض درجة لها خلال الأربعة وعشرين ساعة الماضية.
في الفترة بين السّاعة السادسة والسّاعة السّابعة إلّا ربع صباحا
يرتفع ضغط الدّم لديك، وتلك أولى الآليات الّتي يقوم بها جسمك ليساعدك على الاستيقاظ والنّهوض من الفراش.
عندما تصبح السّاعة السابعة والنّصف صباحا
تبدأ نسب الميلاتونين تقل في جسمك، وبالتّالي تبدأ عمليّة الاستيقاظ من النَّوم.
عند السّاعة الثامنة والنصف صباحاً
، تزداد حركة الأمعاء.
يعدُّ هذا التوقيت من أفضل التواقيت لتناول وجبة الإفطار لأنّك تضمن بذلك هضم أسرع والاستفادة من نواتج الهضم بشكل أكبر.
عند السّاعة العاشرة صباحاً
هذا التوقيت يعدُّ من أكثر التواقيت الّتي يعمل فيها مُخّك بكفاءة عالية، حيثُ تكون في أعلى نسب التَّركيز.
ينصح في هذه الفترة القيام بالواجبات الجامعيّة وغيرها، والّتي تحتاج إلى تركيز عالي ودقّة في الفهم وسرعة في الحفظ.
تستمر هذهِ الكفاءة حتّى السّاعة الثانية عشر ظهراً.
هرمون الكورتيزول، الّذي قلنا أنّهُ يعتبر هرموناً مُنشّطاً، حيثُ أنّ كميات هذا الهرمون تزداد صباحاً لتساعدنا على القيام بما يترتّب علينا من التزامات يوميّة.
وعند وصولك إلى السّاعة الثانية عشر ظهراً
وما زالت صحّتك جيّدة فهنيئاً لك، لقد قطعتَ أخطر فترة خلال اليوم، وهي الفترة الممتدّة من الساعة السّادسة صباحا حتّى السّاعة الثانية عشر ظهراً، حيث ذكرنا أنَّ الأزمات القلبيّة بمعظمها تحصل في هذه الفترة وتكون أخطر من الأزمات الّتي تحدث في باقي الأوقات.
ومن السّاعة الثانية عشر ظهرا حتّى السّاعة الثانية ظهراً
تُصنَّف هذهِ الفترة ضمن فترات الرّاحة وينصح بشدّة أخذ قيلولة في هذه الفترة ولا ينصح أبداً بالمذاكرة وذلك لأن نسبة التركيز تكون قليلة والقدرات العقليّة من استيعاب وتفكير وإدراك ضعيفة نوعا ما.
وعندما تصبح السّاعة الثانية والنصف ظهراً
أنصحك بشدّة - إذا كنت رياضي- أن تذهب إلى الجيم، لأنّهُ-في هذا التوقيت-تكون العضلات في أعلى مستويات التناسق والتكامل فيما بينها.
إذاً لا تنسى هذا الوقت من أفضل الأوقات لممارسة الرياضة أو التمارين، والقيام بنشاط يومي يحتاج قوة وجهد.
وعندما نصل إلى السّاعة الثالثة والنّصف ظهراً
أنصحك من مقالي هذا، إذا كُنت تتدرّب على رياضة تحتاج دقّة، تركيز عالي، وسرعة في الاستجابة مثل التنس أو حراسة المرمى، فهذا هو الوقت المناسب لك لتقوم بهذا النّشاط، لأنَّ هذا التوقيت يعدُّ من أكثر التواقيت الّتي يكون فيها سرعة لرد الفعل على المؤثرات المحيطة بك.
بعد الساعة الثالثة ونصف وتحديداً عند السّاعة الخامسة عصراً
تكون كفاءة القلب أعلى ما يمكن، وتزداد قوّة العضلات، لذلك أيضاً يعدُّ هذا التوقيت من أفضل التواقيت لممارسة الرياضة.
وعند حلول السّاعة السادسة والنصف مساءً،
يكون في هذا التوقيت أعلى معدّل لضغط الدّم على مدار اليوم.
في السّاعة السّابعة مساءً
هنا نلاحظ أنَّ درجة حرارة جسمك تبلغ أعلى مستوى لها خلال اليوم.
وفي الساعة التّاسعة مساءً
كما ذكرنا سابقا يبدأ مستوى هرمون الميلاتونين يرتفع في الدّم، وهكذا تتكرَّر هذهِ العملية على مدار اليوم.
هذهِ آلية من عدد كبير من الآليات الّتي تحمي جسمك وتُبقيك حَيَّاً.
جسم الإنسان يعدُّ عالمَاً متكاملاً بحدّ ذاته فهو يحتوي على مكوّنات تعمل مع بعضها البعض كالبنيان المرصوص لتبقى أنت على قيد الحياة، لذلك يجب أن يدوم لفظ الشكر على ألسنتنا تقديراً لهذه النّعمة السّامية..
إلى هنا نكون قد أنهينا هذا المقال الّذي تناولنا فيه الحديث عن السّاعة البيولوجيِّة بتفاصيل كافية، وافية، وتمنحك إلمام شبه تام.
نتمنّى أن ينال هذا المقال إعجابكم. إن أخطأتُ فمن نفسي، وإن أحسنت فمن الله.
أخبرنا في التعليقات ما المعلومة الجديدة التي اكتسبتها عن الساعة البيولوجية في جسم الإنسان ؟؟؟
وشارك هذا المقال مع من تحبهم ليضبطو ساعتهم البيولوجية ويتمكنوا من نمظيم وقتهم والحفاظ على صحتهم ..
.دمتم بخير وصحة
إلي اللّقاء..
🩺 بقلم الدكتور علي سويدان
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك