الكأس الفارغة وكيفيّة تكوّن العقدة و التعامل معها
- الجزء الأوّل -
الكأس الفارغة وكيفيّة تكوّن العقدة و التعامل معها (1) |
بالبداية لنتكلّم عن كيفيّة تكوّن العقدة بصورة عامّة :
الناس بصورة عامّة تحّب أن تفهم السبب وراء حركة الأشياء ، فعالم النفس أدلر قد نبّه إلى معرفة الإنسان من خلال طفولته ، فالطفل عندما يرى أنه لا يستطيع القيام بشيء إلّا بمساعدة الكبار فسيولد هذا عقدة نقص داخله ، فالعقدة كالكأس الفارغة.
- الإنسان يبدأ حياته كصفحة بيضاء ، ورحلته في الحياة هي وسيلة لإملاء الكأس ، وهو الإتجاه من النقص إلى الكمال ، فهذا محرّك الإنسان الأكبر ، فتوجد ناس تملأ الكأس بمستوى معقول ، وتوجد ناس آخرين يملؤونها عن طريق الآليّات التعويضيّة الجانبيّة ، أو يظلّوا مسجونين داخل العقدة .
-يوجد شاب قد أعطى لنفسه فقاعة كبيرة حوله ، ولأجل تثبيت هذه الفقاعة قد قرّر التقليل من شأن الآخرين ، وهذا التقليل من شأن الآخرين قد يولد الكثير من المشاكل داخل العلاقات الإجتماعيّة ويطبعها بطابع عدم الإنسجام والتكافؤ ، وهذه الفقاعة هشّة جداً فممكن أن تنفس بطريقة بسيطة غير محتسبة ، وهذا المثال هو بذاته دليل على الغرور ، أو الغرور المتخفي ، فهو يهرب من الإختبار والمواجهة ، فهو مغرور جداً وبنفس الوقت كسول جداً .
لنأخذ مثال آخر : يوجد شخص آخر يحب الفريز جداً ، وهذا عائد لطفولته لأن أهله لم يطعمونه إياها ، فهو يريدها كلها لوحده ولا يريد أن يشارك طعمتها مع أحد ، فهو باهتمامه غيور إلى حد حبه لإمتلاك الشيء كله لوحده .
- شاب مثلاً سيستخدم الدين كمتنّفس لعقدته ، فدائماً تراه ًيُعين نفسه قاضي على خلق الله ، ويتدّخل في خصوصيّاتهم ، ويتحّكم في مصيرهم ، فهو الأخلاقي المستقيم الّذي سيدخل الجنة ، وهو سيقرّر الفاسد الأثيم الذي سيدخل النار .
- شاب آخر قد اشترى مظلة تقيه من المطر ، وعند شرائه لها قد وقف مطر السماء ، وكذلك عندما اشترى نظارة لأجل الشمس قد وقفت الشمس عن الطلوع ، فدائماً حظه سيء ، فهو يتاجر بسوء حظه ويستخدمه ليسد عقدة النقص الّتي لديه ، فالّذي يعمله يعطيه شعور بالتميّز الذي فاقده، فيتخيّل وجود شيء ضخم إسمه الحّظ ويستخدم قدراته لأجل أكبر حجم من الخسائر لهذا الشاب ،
- هذا أسهل شيء يشعره أنّه متميّز من غير أن يبذل أي مجهود ، فهذا تعبير عن التميّز والكسل بنفس الوقت ، فالتميّز لأن الحّظ قد أختاره بالتحديد ، والكسل لأن الحظ قوة ضخمة ولا تنفع معه جميع الأساليب لأجل تغييره .
التميّز والكسل:
-التميّز والكسل يعبّران عن المدى الّذي قد يصل إليه الإنسان في غروره وإستسلامه للحظ ، وهما نقطتان :
ضعف داخل الشخصية ، ولأجل تغييرهما يجب إتّباع أساليب محدّدة تناسب حجم المشكلة ومفعولها ، كالدعم النفسي المدروس ، وكتهيئة محيط جيد مناسب يشجّعه على العمل والإجتهاد .
بقلمي جمال نفّاع
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك