رسالةٌ وجوديّة .. رسالةٌ وجدانيّة
- الجزء الثاني -
لنكمل معاً تلك الرسالة الوجوديّة .. و الوجدانيّة :
ابتسمتُ و قلتُ في نفسي :
سيكون الله بعظمته يحبه , ستكون الملائكة بطُهرها دعتْ له , لو تدركين كم نحن بحاجة إلى أشخاصٍ خطأ مثلك !!
(( و حين يأتي دوري , أُهمل , أُصبح شخصاً سيئاً , لا يُقدّر , لا يفهم , لا يستوعب .. على أيّة حال .. البقاء بمفردي هو أنسب حل ..
بالطبع , فلا مكان لك بين الوحوش ..
***
(( لكن لطالما كان مفهومي عن الحب مختلف , شأنه شأن مراحلي العمريّة , يبدأ لينمو و يتطوّر .. ثمَّ يُفنى ..
حارسة الحب أضحتْ الآن تنام عشياً باكراً , لا تخرج من المنزل إلا للضرورة , لا تتكلم مع أيِّ شخص إلا للحاجة ..
تغيّرت مشاعري تجاه الهوى , و ليس فقط تجاه من أهوى ..
كنتُ أحلم بذلك الحب المندفع و الدافع في آنٍ معاً نحو الجنون , حبٌّ عظيم لا ينضب نبعه , صارخٌ بهدوءٍ و حنان , يقاتل بسلامٍ , بياسمينةٍ .. لحماية الأمان ..
آه لو تدري كمية التعب و الإرهاق المتراكمة عن معارك حياتي ,
تعبتُ من المقاومة , تعبتُ من الخضوع , تعبتُ من البشر ..
و تعبتُ من الوحدة ... و المرض ..
***
دمعتي على وشك السقوط بعد قراءة هذا الكلام , و فُزع قلبي لكلمتها الأخيرة :
(( مرحلةٌ مؤلمة , قاسية , دامية ..
عشتها لوحدي , لا أنكر من تواجد عدد قليل من الأصدقاء , و لا أنكر فضلهم ..
لكنني مللتُ من رميّ الدائم لثقلي عليهم , و صممتُ على العيش مع هذه التجربة لوحدي ..
ليالٍ طويلة لا أدري كيف انبثق فجرها , معلناً نهاراً جديداً ..
صرخاتٌ تعبر سماء بإيمان , و لا تعبر مسمع فردٍ واحدٍ من الجيران ..
أزحف زحفاً لوصولي إلى المرحاض , و الدماء حولي متبعثرة في الأرجاء و كأنها عملية إجهاض ..
حرارة تصل لفوق الأربعين , و قد تنخفض لتحت الصفر بل لتحت سالب العشرين ..
حرقةٌ في الأرحام و أخرى في فؤادٍ أضناه الوهم و الآلام ..
لا أعلم هل سأنجو من مرض السرطان , أم أنني سأقف في صفِّ أموات الزمان ؟!
أنت المنقذ الأول , المعلّم الأول .. و الحبُّ الصادق الأول ..
فلا تنزعج من رسالتي التي وضعتها بنفسي تحت وسادتك ..
و لا تنزعج من سرقة مفتاح منزلك في الطريق ..
و لا تنزعج من تسللي كاللصوص رغم إمكانيتي بالتواصل المباشر
.. لكنني لا ارغب أن تراني أنت تحديداً بالوضع الذي أنا فيه ... ))
رنَّ جرس المنزل , مسحتُ دموعي المنهمرة , فتحت الباب .
. كانت هي , و لم تكن .. امرأة ٌ يافعة , طويلة القامة , ذو شعرٍ بنيٍّ فاتح , و وجهٍ نحيف , متعب ..
دخلتْ ...
و سقطتْ على الفور ..
سقطتْ بين يدي .. كما كانت تلعب بينهما ..
حملتها لعلّيَّ أصل في الوقت المناسب إلى المشفى , لكنها قالت بأنفاسٍ متقطعة :
لم أخجل من تجاربي و معتقداتي و أخطائي .. بقدر خجلي من أنني حضرت هذه المسرحيّة .. بوجهي الحقيقي ...
ثمَّ هوتْ يدها , و نامت كالملاك الصغير ... و أدركتُ حينها , أنَّ آخر شجرةٍ آمنة على وجه الأرض .. قُطعت ..
و ماتت جذورها ....
شهد بكر 💗
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك