هل نمتلك إرادة حرة؟ الجزء الأول
هل نمتلك إرادة حرة؟ الجزء الأول |
هل نحن حقا أحرارٌ في اتخاذ خياراتنا كلها؟ أم بعضها فقط؟ أم أننا مجبرون على اتخاذ خيارٍ ما من عدة خيارات ما يجعل حريتنا مقيدة وخياراتنا محدودة؟ أم أننا لا نملك حرية الاختيار أبداً وكل خيارات حياتنا مرسومةٌ سلفاً ولا يد لنا فيها؟ أم توجد اعتبارات أخرى بخصوص الإرادة البشرية ونحن لا نعرفها؟
ما هي الإرادة الحرة؟
قام بعض علماء النفس بتعريف الإرادة الحرة على أنها قدرة الانسان على منع نفسه عن شيءٍ ما بمعنى أن الإرادة هي إرادة عدم فعل شيءٍ ما وليست إرادة فعل الشيء. وهم يستندون بذلك إلى أن الانسان بشكلٍ عام و أفعاله بشكلٍ خاص مبنيةٌ على عددٍ كبيرٍ من التراكمات الحياتية التي مر بها وعاشها منذ وعيه بمعنى أن إرادتنا قد تكون مرهونة بكثيرٍ من العوامل فمثلاً عند اختيار طعامٍ ما فنحن نختاره لأننا نحبه أو لأننا لا نملك ثمن غيره، ولكن إذا كنا نحبه فلماذا نحبه؟ ربما لأننا تناولناه مرة مع شخص نحبه، أو من يدي شخص نحبه، أو لأنه يذكرنا بحادث ما أو أمر ما نحبه، وهناك الكثير من الأسباب التي قد تجعلنا نختار هذا الطعام دون غيره ولكن مهما كانت تلك الأسباب فهي تؤثر على اختيارنا وتجعلنا غير أحرارٍ مطلقاً في ذلك الخيار.
أما إذا رغب شخصٌ ما بفعل شيءٍ ما لأي سببٍ كان ولكنه امتنع عن فعله دون أي سبب أو تأثير خارجي ولكن فقط لأنه يريد أن يختبر إرادته فعندها يمكن القول بأنه اتخذ هذا القرار بإرادة حرة.
هل لدى الحيوانات إرادة حرة؟
قام بعض علماء الأحياء بإجراء بعض التجارب لتبين ما إذا كانت الحيوانات تمتلك إرادة حرة، فقاموا مثلاً بوضع الطعام أمام مجموعة مختلفة من الحيوانات فوجدوا بأن بعضها اندفع مباشرة نحو الطعام في حين ينتظر بعضها الآخر زمناً معيناً قبل أن ينقض على الطعام وتختلف أزمنة الانتظار من حيوانٍ إلى آخر ولكن الحيوانات من نفس الفصيلة تنتظر نفس الوقت تقريباً، أما لدى البشر فيختلف زمن الانتظار من شخصٍ إلى آخر بل إن الكثير من الناس إذا قرروا الامتناع عن الطعام فهم يستطيعون فعل ذلك حتى لو وصل بهم الجوع حد الموت، ونتيجة لذلك تم وضع مقياس للإرادة الحرة بين البشر لأن الناس غير متعادلين في إراداتهم.
ولكن تبين أيضاً بأن الناس قد يمتلكون إرادة قوية تجاه أمرٍ ما بينما تكون إرادتهم ضعيفةً تجاه أمر آخر، فمثلا بعض الناس الذين يمتنعون عن الطعام لوقت طويل لا يستطيعون أبداً أن يمسكوا أنفسهم أمام غريزتهم الجنسية أو أمام شرب الكحول أو غير ذلك وهذا يجعل إرادة البشر غير ثابتة حتى في مجال الامتناع عن الفعل فكيف يمكن الحكم على إرادة البشر وتقييمها؟
بقلمي سليمان أبو طافش✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك