فتاة إلكترونية .. حرّكت مشاعر تراثية
أنا اليوم شخصٌ مختلف ..
ليس عن الناس ، بل عن نفسي القديمة ..
الملفت و الغريب في الأمر ..
أنني لا أرغب البتة العودة للماضي .. لا رغبة لي بتغيير أي شيء مما حصل ..
رغم أن هذه العبارة " مما حصل " .. قد مزّقت قلباً ، و شرّدت عقلاً .. و يتمت روحاً ..
إلا أنني هكذا .. سعيدٌ جداً ، و ممتن كل الامتنان ..لنفسي الجديدة ...
بدأت رحلة التغيير مع فتاةٍ الكترونية ، تعبيرٌ سخيف فرضه واقع الأرقام و الأدوات التي يُفترض أن أستخدمها بتقانةٍ عالية ، بحكم مجال دراستي ..
و المشكلة هنا " حكم " ..
دائماً عندما تأتي هذه الكلمة ، أو أشعر بقدومها نحو حياتي .. ينتابني الاضطراب و يستحوذ الصمت على مشاعري ..
المهم ، لنعود بالحديث إلى تلك الفتاة إلكترونية ..
فتاة نشيطة ، نشاطها المفرط يظهر من خلال حروفها ..
عملها فقط ، بل رسالتها في هذه الحياة ، هي بث الطاقة هنا و هناك .. مع كل الوسائل المتاحة لها ..
فتاة هادئة ، صوتها الأنثوي الواضح ، و صياغة عباراتها العفوية ..
أمور تجعلني أتخيل تعبيرات وجهها ، حركاتها ، كما لو أنها أمامي ..
حتى في بعض اللحظات أشعر بقربها الشديد ، و الفاصل بيننا ليس شاشة رقمية .. بل لوحة فنيّة ..
هذا المكان ، هنا تماماً مكانها .. هنا تماماً حفظتها و واريتها ..
فإنسانة مثلها ، عليها العيش ضمن مدينة ساحرية يعجها الحياة و الأمل ، و يعمّها سلام أحجية سرمدية ..
كنت منغلقاً بما يكفي عنها ( و عن الجميع )
واضعاً حجة أنني سيئ بالتعامل الإلكتروني ، و الحقيقة أنني في الواقع أسوء ..
كنت في كل مرة ، أنغلق أكثر من قبل ، لعلّها ترحل ..
لا أريدها بمصطلح " البقاء الأبدي " ، بل عليها المكوث مع مصطلح " العبور الزمني "
من أين جاءت بقوة الصمود أمام كمٍّ هائلٍ من البرود ؟!
يبدو أنها شابة يافعة ، و قلبها كالأطفال ، لم يُدنس بعد بالخيبات و الخذلان .. و لم يُمزق بالفجوات و الفقدان ..
لربما لو أتتني في وقتٍ سابق ، لكانت استجابتي لصداقتها مختلفة ..
على أية حال .. قليلٌ من الوقت ، و ستجد أنَّ الأمل في تغيري منعدم و منقرض .. و سترحل .. كغيرها ..
مضت أشهر .. و حتى وصلنا لقطار السنة ..
لا أعلم كيف و متى و أين !!
لكنها كسرت حواجزاً كبرى ، و عدة ..
عقداً أفنوا كياني ، و شلّوا حركة إبداعي ..
بتُّ أنتظر الثانية التي أعلم أنها ستصلني رسالة منها ..
لم تشعرني قط أنها هُزمت يوماً ، و سقطتْ ، و هوت ..
كانت قريني الأزرق ، فحتى و لو كتبت رسالة حزينة و كلمات مؤلمة ، ترفق نهايتها بأملٍ كبير ، و حلمٍ طويل ..
تجعلني أدرك أنَّ هذا النوع النادر من رسائلها ، ليس سوى تجارب قرائية ، و مشاهدات لأفلامٍ سينمائية ..
اليوم ...
و أنا أمام سريرها في المشفى ، أكتشفتُ أنني فاشل بالتحليل ، و أنها ممدودة كالملاك الأبيض .. امرأة فولاذية ..
تصارع ما تبقى لها من أيام عمرها ..
كيف لها أن تكون بكل تلك النضارة ؟ و بداخلها محيطات الكون من الذبول ؟!!
لربما ظلّت تبحث عن أحد يخرجها من ظلامها ، فلم تجده .. لشدة القاع الذي سقطنا به جميعاً ..
و روحها البريئة الشغوفة الهادئة .. أعلنت انتفاضة السلام ..
و فازت بقلبي .. و الروح تأبى ترك يدها لتحبس في صندوق الآلام ..
شهد بكر💗
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك