مراحلي كلّها .. تنتهي عند مرحلتك ..
مراحلي كلّها ..تنتهي عند مرحلتك .. |
أذكر أنَّ قصّتي بدأت للمرّة الأولى ..
عندما كنتُ طالباً في المدرسة , تلك المدرسة الشعبية المتواضعة , التي كانت عبارة عن حشر ثلاثة أو أربعة طلاب أمام بعضهم , و صنع الكثير و الكثير من الأصدقاء , في يومٍ واحدٍ فقط ..
كنا نتشارك معاً كلِّ شيء , الممحاة , قلم الرصاص , الكتب , الدفاتر .. حتى المشاجرات ما بين الاثنين .. كنّا نتشاركها .. و بطريقةٍ طفولية , عندما يعلن جرس الإستراحة نفسه , و نركض في الأبنيّة هاربين لفسحة اللعب .. هنا تماماً كنا ننسى كلَّ شيء .. و نتصالح ..
كانت قلوبنا نظيفة لدرجة أننا ننسى سبب عراكنا ..
سنة ٌ تتبعها الأخرى , تكبر معها همومنا , إتخاذ قرار يحدّد مصيرنا , و نبدأ شيئاً فشيئاً , باعتزال قارب النجاة , و السباحة في بحر الحياة .. على أمل الوصول لبرِّ الحلم و الطموح .. واثقين بقدراتنا , متناسين أقدارنا المكتوبة .
أيلول هو شهر المدارس اللطيف و الحنون ,
أيلول الجامعات غريب , يصعب تصنيفه أو إطلاق صفة عنه ..
فقد أصبحت الحياة سيلاً من القلق اللامتناهي , الشوارع مزدحمة , و المكان يكاد أن ينفجر , يريد أن يتنفس بين زحمة هذه البشر المتواجدة من كلّ المحافظات و المناطق و الأديان و الأعمار ...
كانت سنواتنا الدراسيّة صادقة و بريئة .. و رحيمة ... رحيمةٌ جداً بنا رغم صعوبتها .. إلا أنها أفضل من هذه السنوات الحالية , و التي لربما لاحقاً .. سنقول عنها .. أنها الأفضل ..
و جاءت مصدر إلهامي , إقتحمت عالمي .. و كانت هذه بدايتي الثانية ..
فبدايات الحياة نادرة , و لكلّ مرحلة .. بداية واحدة فقط ..
دغدغت فؤادي بضحكتها الناعمة و الواضحة , شعرتُ بإمساكي للمجرّة الكونيّة في كلِّ مرةٍ أصافحها , بمجرّد سماع صوتها تجتاحني رغبة عارمة بالغوص به بحةً بحة .. و إبتسم بدفءٍ لمجرّد أو ذكر أحدهم لإسمها حتى و لو لم تكن المقصودة ...
فُتنتُ برائحة شعرها المسترسل غالباً حتى في عزِّ الجوِّ الحار , و عطر الياسمين الفوّاح من كل قطعة بجسدها , أحببتُ المطر , و الشعر , و الغزل .. أدمنتُ على القهوة , أنام على موسيقا رومنسيّة , و أستيقظ على |فيروز| العشقيّة ..
لا أتتبعها كالمجانين , لكنَّ روحي تطاردها و كأنها مجرمٌ هارب من قلعة غرامي , أصبحتُ أقدّر الوقت كثيراً , و أنظر لتفاصيلٍ صغيرة , و أحلل إيماءة الرأس و نظرة العين ...
لقد غيّرتني .. غيّرتني تلك الفاتنة ... و سجنت بقايا أملي و شغفي ...
جعلتني أغرق في بحار العيون ، و أحلّق في عنان سماء الجفون ..
و يا أهلاً و سهلاً .. بهذا الضياع و الهلاك ..
حدّثتُ صديقي عنها ، نصحني ألا أتوّرط بالحريق ..
و ماذا يفقه ؟!
و هو على اليابسة ، يسدي نصائحاً ممتازة عن كيفيّة الهروب و السباحة كي لا أصبح غريق ..
و الأمور بأعماقي تغرق ، و تغرق ، و تغرق .. لما بعد قاع المحيط .. نفسٌ بشرية لا تفقه بصطلح " النهاية " حرفاً من الأبجدية ..
و تطورّت الأيام .. و بات الأرق يسيطر على جسدي ، و عقلي .. و يحتل أفكاري ..
و الأيام القاسية تقف إلى جانبي ، يداً بيد .. كي لا أشعر بوحدي ...
كنت أنتظر إشارةً منها .. كي أرمي روحي بين يديها ..
و جاء هذا اليوم .. اليوم الّذي إختصرت به جميع مصطلحات الحب ..
بإرتباكها الأنثوي ، و هي تحاول إعطائي محاضراتها ،
وجدتها الفرصة الوحيدة لكسر حاجز الأوهام ..
حرّكتْ ما بداخل السنين .. لتعلن كلمة " أحبك " بداية عشق الحالمين ..
دون وعٍ بما هو قادم .. و لا يهم .. طالما أننا معاً نحارب هذا العالم الحزين ..
بقلمي شهد بكر ✒️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك