جُوُد ولدٌ عُدْوَانِيٌّ حَسُودْ
جُوُد ولدٌ عُدْوَانِيٌّ حَسُودْ
يَكْرَهُ أَنْ يَرَىٰ أَحَدَاً أَفْضَلَ مِنْهُ ,وَهُوَ دَائِمَاً يُسَبِِّبُ المَشَاكِلَ لِرِفَاقِهِ ويثيرُ المتاعِبَ لأَهٰلِهِ.
لَيْسَ لَهُ رِفَاقٌ لِأنَّ الجَمِيِعَ ينزعِجُونَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ لِذَا تَراَهُ فِي أَغْلَبِ الأْوَْقَاتِ وَحِيدَاً دُونَ أصْحَابٍ .
رَكِبَ َذاتَ مَرَّة مَعَ صَدِيقِهِ كَرَمْ في سَيَّارَةِ أَبيِهِ
لأَنَّ الطَقْسَ كَانَ مَاطِرَاً وَوَجَدَهُ وَاقِفَاً أَمَامَ المَوْقِفِ يَنْتَظِرُ َالحَافَِلةِ ليَذْهَبَ إِِلَى المَدْرَسَةِ
وََقتَهَا أَطَلَّ كَرَمْ مِنْ سَيّارَةِ أَبِيهِ وَنادَاهُ:
جُوُدْ.... جُوُدْ....
تَعَالَ وَارْكَبْ مَعَنَا
التَفَتَ جُوُدْ إِلَيْهِ وَلَبَّىٰ الدَعْوَةَ ُمُسْرِعَاً, كَانَتْ ثِيَابُهُ ُمبْتَلّةً َتنْقُطُ مَاءً وَكَانَتِ السَيَّارَةُ مُكَيّفَةً وَدَافِئَةً.
رَحَََّبَ ِبهِ وَالِدُ كَرَمْ وَقَالَ لَهُ أَهّلاً بِكَ يابُنَيَّ.
جَلََسَ جُوُدُ فِي المَقْعَدِ الخَلْفِيِّ وَبَدَأَ يُنَقِّلُ بَصَرَهُ فِي السَيَّارَةِ الفَاخِرَةِ
وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: نَحنُ نَقِفُ تَحتَ المَطَرِ وَثِيَابُنا تَبْتَلُّ بِالمَاءِ وَهُوَ يَجْلِسُ فِي سَيَّارَةِ أبِيهِ المُكَيَّفَةِ الدَّافِئَةِ,
أَبُوهُ يَمْتَلِكُ سَيَّارَةً وَأَبِي لا يَمْتَلِكُ دَرَّاجَةً ,
مُؤكَّدٌ أَنَّ بَيْتَهُ أَجْمَلُ مِنْ بَيْتِنا ،
مُؤَكَّدٌ أَنَّهُ يَمْتَلِكُ الكَثيِرَ مِنَ المَالِ وَالألْعَابِ ,
لِهَذِهِ الأَسْبَابِ هُوَ أَكْثَرُ اجْتِهَادَاً مِنِّي وَلَهُ الكَثيِرُ مِنَ الأَصْحَابِ وَالأَصْدِقَاءِ.
ثُمَّ أَخْرَجَ بِِهُدوُءٍ وَحَذَرٍ قِطعَةً حَدِيدِيَّةً حَادَّةً ِمنْ جَيْبِ حَقِيبَتِهِ وَأَحْدَثَ شَرْخَاً كَبِيِرَاً فِي القِمَاشِ المُخْمَلِيِّ الأََنِيِقِ لِلْمَقْعَدِ الخَلْفِيِّ حَيْثُ يَجْلِسُ.
َلَمْ يَنْتَبِِهْ كَرَمْ إِِلَىٰ مَا فَعََلهُ جُوُد لِأَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي المَقْعَدِ الأَمَامِيِّ بِجَانِبِ وَالِدِهِ ،
لَكِنَّ أَبَاهُ شَاهَدَ مَا فَعَلَهُ بالِمرآةِ الأَمَامِيَّةِ للسَيَّارَةِ.
كَانَ الأَبُ حَكِيِمَاً فَقَالَ لِجُودْ :سَوْفَ أَمُرُّ كُلَّ يَوْمٍ لإِصطِحَابِكَ إِلىٰ المَدْرَسَةِ مَعَ كرَمْ.
ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ دُرجِ السَيَّارَةِ عُلْبَةً مُغَلَّفَةً بِغلِاَفٍ ذَهَبِيِّ جَمِيِلٍ اسْتَغْرَبَ كَرَمُ تَصَرُّفَ أَبِيِهِ فَهَذِهِ هَدِيَّةٌ لِعِيدِ مِيلِادِ ِ ابْن عَمِّهِ طَارِقُ المُصَادِفِ غَدَاً ,وَقَدْ اشْتَرَيَاهَا مَعَاً .
َََلكِنَّ أَبَاهُ أَوْمَأَ لَهُ بِرَأسِهِ وَأبُوهُ طَبّعَاً يُحسِنُ التَّصَرَّفَ. إِنَّهُ يَعْرِفُ أَباَهُ جَيِّدَاً ,مُؤَكَّدٌ سبََجْلِبُ لَهُ غَيْرَهَا .
أَدرَكَ الأَبُ مَا جَالَ بِرأَسِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَفَرَكَ شَعرَهُ ِبيَدَهِ ثُمَّ التَفَتَ إِلَىٰ جُودْ وَ قَالَ لَهُ : هَذِهِ هَدِيٌَّة لَكَ لِأَنَّكَ ُمهَذَّبٌ وَلَطِيِفٌ
َبَلَعَ جُودُ رِيِقَهُ بِِصًعُوبَةٍ وَشَعَرَ بالِإحرَاجِ فَوَضَعََ حَقِيِبَتَهُ فَوْقَ مَكَانِ الخَدشِ فِيِ الَمًقْعَدِ لِيُخْفِيِهِ
ثُمِّ حَمَلَ حَقِيبَتَهُ وَنَزَلَ مِنَ السَيَّارَةِ مُسُرعَاً وَهُوَ َيضُمُّ الهَدِيَّةَ إِلَىٰ صَدرِهِ قَبْلَ أَنْ يَكْتَشِفَ أَحَدٌ فِعلَتَهُ
فِِيِِ اليَوْمَ الثَّانِي مَرَّ وَالِدُ كَرَمْ أًمَامَ المَدرَسَةِ حَيْثُ يَقِفُ جُودٌ , نَادَاهُ وَاصطَحَبَهُ إِلَىٰ الَمدْرَسَةِ .
اسْتَغْرَبَ جُوُدُ مَجِِيِءَ وَالِدِ رَفِيقِهِ مُجَدَّدَاً وَقَالَ فِيِ نَفْسِهِ : إِذَاً لَمْ يَعرِفُ أَحَدٌ مَا فَعَلَتُهُ بِالْأَمْسِ
وَلَمَّا رَكِبَ جُوُدُ فِيِ السَيَّارَةِ وَجَلَسَ فِيِ المَقْعَدِ الخَلْفِيِّ تَفَقَّدَهُ لَكِنَّه تَفَاجَأَ إِذ ْأنَّهُ لَمْ يَجِدِ الخَدشَ
تَحَسَّسَ بِيَدِهِ مَكَانَهُ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئَاً فَرَكَ جَبِيَنهُ ثُمَّ قَلَبَ كَفَّيْهِ بِحِيرَةٍ وَ تَسَاءَلَ وَلَكِنْ كَيْف؟
مُوُكَّدٌ قْدْ تَمَّ إِصلَاحَهُ
كَانَ وَالِدُ كَرَمٍ يُرَاقِبُهُ بِهدُوُءٍ ثُمَّ قَالَ له : انْتَبًًٌْه َيا وَلَدِي البَارِحَة ِ تَسَبَّبَتْ ِقطعَةٌ حَادَّةٌ أَوْ نُتُوءٌ. مَعدَنِيٌّ حَادٌّ بِتَمْزِيقِ المَقْعَِد الخَْلفِيِّ حَيْثُ َتجْلِسُ وَقَد أَصلَحْتُهُ مُنْذُ قَلِيِلٍ
انْتَبِهْ لِنَفْسِكَ جَيِّدَاً لئلا يُؤْذِيِك رَيْثَمَا أَعْرِفُ مَا هُوَ الشَّئُِ الَّذِي سَبَّبَ تَمْزِيقَ المَقْعَدِ
تَنَهَّدَ جُودُ بِقَلَقٍ وَشَعَرَ بِالذَّنْبِ وَالخَجَلِ ثُمَّ خَفَضَ رَأْسَهُ ونَظَرَ إِلَىٰ أَرضِ السَيَّارَةِ تَحتَ المَقْعَدِ الخَلْفِيِّ حَيْثُ وَضَعَ الشَّفْرَةَ فَوَجَدَهَا َلاتَزَالُ مَكَانَهاَ فاَلتَقَطَهَا بِهُدُوءٍ شَدِيدٍ وَألْقَاهَا مِنْ شُبَّاكِ السَيَّارَةِ
ابْتَسَمَ وَالِدُ كَرَمْ وَهَزَّ رَاْسَهُ مَسْرُوُراًَ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ خُفْيًةً مِنْ مِرآةِ السَيَّارَةِ
صَارَ وَالِدُ كَرَمْ يَأْتِي كُلَّ صَْبَاحٍ وَيَصطَحُِبُهُ إِلَىٰ المَدرَسَةِ لَا بَلْ صَارَ يَأخُذُهُ مَعَ أَوْلَادِهِ وَأُسْرَتِهِ فِيِ نُزُهَاتٍ وَجَوْلاَتٍ عَلَىٰ المَتَاجِرِ بَعْدَ إسْتِئذَانِ أَهْلِهِ
وصارَ جُوُدُ يَزُورُهُمْ فِي بيَْتِهِمْ وَيُرَافِقُهُمْ فِي جَلَسَاِتهِمْ حَتَّىٰ أَحََّبهُمْ وَأَحَبُّوهُ
وَهَذَا أَدخَلَ اليَهْجَةَ ِإلَىٰ قَلْبِهِ وَزاَدَت ِالصِّحْبةُ بَيْنَ كَرَمْ وَجُودْ وَصَارَا رَفِيِقَيْنِ ُمُتَحَابَّيْنِ
أَصْبَحَ جُوُدْ اِجْتِمَاعِيَّاً أَكْثَرَ وَشَيئَاً فَشيْئَاً بَدَأتْ تَزُولُ عُدْوَانِيَّتُهُ وَتَتَلاشَىٰ, لَا بَلْ بَدََأتْ مَلاَمِحُ طِبَاعٍ جَدِيدَةٍ تَظْهَرُ عَلَيهِ,
طِبَاعٌ لمْ يَرَهَا الجَمِيعُ فِيهِ مِنْ قَبْلِ.
َبدَا وَاضِحَاً تَغَيّرٌ َمَلْمُوسٌ فِيَِ سُلوُكِهِ لَقَدْ انْقَلَبَ حَالُهُ وَ صَارَ وََلَدَاً مُهَذَّبَاً لَطِيفَاً يُحِبُْ النَاسَ وَيَتَمَنّىٰ الخَيْرَ لَهُمْ وَهُوَ الآنَ عُضْوٌ فِي فَرِيقِ كُرَةِِ القَدَمِ فِي المٌدْرَسَةِ
لَمْ يَعُدْ جُوُدُ وَلَدٌ عُدْوَانِيٌّ حَسُودٌ بَلْ صَارَ وَلَداً مُهَذَّباً َودُوُدٌاً وَ مُتَمَيِّزاً فِي دِرَاسَتِهِ مَحْبُوباً مِنَ الأَهْلِ وَالرِّفَاقِ وَالجِِيرَانِ
بَقِيَ أَنْ تَعرِفُوا أَنَّ وَالِدَ كَرَمْ كَانَ مُوَجِّهَاً تَربَوِيَّاً فِي مَدرَسَةٍ لِلبَنيِنِ
هَلْ أَعَجَبَتْكُمُ القِصَّةَ أَحِبَّائِي الصِّغَار
هَلْ أَدْرَكْتُمْ أَنَّ الكَلِمَةَ الطَيَِّبَةَ وَالمُعَامَلَةَ الحَسَنَةَ هي غَرْسٌ طَيِّبٌ يُِنْبِتُ ثَمَراً طَيِّبَاً يُهَذِّبُ النَّفْسَ وَيُقَوِّمُ السُّلُوكَ
أنتظر أن أعرف ماذا تعلمتم من| قصّة اليوم |في التعليقات بلهفة ..
🤍دمتم برعاية الله أحبائي🤍
👵🏻|كانت معكم جدتكم المُحبَّة هدى الزعبي|
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك