ماذا تعرف عن ابن خلدون
(الجزء الأوّل)
ماذا تعرف عن ابن خلدون .. (الجزء الأوّل) |
ابن خلدون :
كم عدد الناس في هذا العالم الذين نستطيع وصفهم بالعلماء؟ وكم عدد العلماء الذين برزوا في عدة مجالاتٍ علمية؟
كم عدد الذين أسّسوا أحد العلوم و وضعوا مبادئه و قواعده؟
كم من العلماء إستطاعوا أن يضعوا أسساً علميةً دقيقةً لا زالت موضع بحثٍ منذ مئات السنين لعلمين اثنين يعتبران من أهم العلوم |الإنسانيّة|؟
- ذلك هو عبد الرحمن بن خلدون الذي ولد في تونس سنة 1332م لعائلة علمٍ وجاهٍ جاءت من |الأندلس|، وكان والده من المفكرين فحرص على تلقين أبنائه مختلف سبل |العلم| و|الثقافة|، فدرس عبد الرحمن منذ صغره مختلف |العلوم| الإسلاميّة من فقهٍ و تفسيرٍ و|علم الحديث| و علم الكلام وغيرها، كما درس |الفلسفة| و المنطق والحساب و|علم الفلك| و |الطب|.
نشأةٌ مؤلمة :
- عندما بلغ عبد الرحمن عامه السادس عشر إجتاح الوباء الأسود (|الطاعون|) القادم من أوروبا شمال افريقيا وقضى على والديه و على الكثير من معارفه و أساتذته فكانت هذه كارثة كبيرةً بالنسبة له تركت أثرها فيه لباقي حياته، ولكنه استمر في دراسته حتى إمتلك الكثير من العلم والمعرفة فصار ينتقل بين المدن للعمل لدى الأمراء و الحكام كمستشارٍ أو قاضٍ أو مديرٍ لمؤسسةٍ ما، ثم انتقل إلى |الجزائر| و |المغرب| و الأندلس ولم يتمكن من الإستقرار في مكانٍ ما لأنه كثيراً ما تعرض للمكائد والدسائس من منافسيه و حساده.
- في بداية عقده الرابع قرَّر أن يفرَّغ نفسه للتأليف فقضى بضع سنواتٍ معتزلاً الناس في قلعة ابن سلامة غربي الجزائر وفيها أنجز كتابه الأشهر المسمى "مقدّمة ابن خلدون".
الهدف الأسمى :
- وضع ابن خلدون في ذهنه هدفاً محدداً هو كتابة |التاريخ| الشامل للعرب خالياً من كل ما هو خاطئٌ أو مشكوكٌ فيه، ولكنه سرعان ما انتبه إلى أن كتابة التاريخ الصحيح تحتاج إلى وضع أسسٍ علميةٍ دقيقةٍ لا يحيد عنها الكاتب فوضع مقدمةً لكتابه المعروف ب "تاريخ ابن خلدون" شغلت أكثر من ثلثه وبيَّن فيها مختلف القواعد و الأسس التي اتبعها لكتابة التاريخ.
الإسم الكامل لتاريخ ابن خلدون هو: "العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و العجم و البربر و من عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، وكما يبدو من اسمه فهو كتابٌ شاملٌ لتاريخ مختلف الشعوب التي عرفها و عاصرها، فلقد بدأ بكتابة تاريخ العرب منذ بداياتهم ثم انتقل إلى |مصر| فعرف المزيد من الكتب و إكتسب الكثير من المعارف فزاد على كتابه الكثير من تاريخ الشعوب الأخرى.
أهّم ما في كتاب تاريخ ابن خلدون :
- أهّم مافي كتابه هو مقدّمته التي اعتبرها منهجاً علمياً لكتابة التاريخ، وقد سار في ذلك على نهج |الإمام الشافعي| الذي قال ما معناه: " قبل أن نكتب الفقه يجب أن نضع الأسس و المبادئ اللازمة لذلك أولاً"، وبنفس الطريقة وضع ابن خلدون مجموعة من الأسس و المبادئ الضرورية لكتابة التاريخ بما يجعله علماً من العلوم ولذلك يعتبر |ابن خلدون| مؤسس |علم التاريخ|.
يقول ابن خلدون بأنه لا يمكن فهم التاريخ بدون فهم آليات المجتمع وذلك ما أسماه علم العمران البشري، فلقد رأى ضرورة فهم المجتمع و تطوراته الفكريّة و السياسيّة و الإقتصاديّة و الإجتماعيّة لفهم القوانين التي تضبط تلك التطوّرات بكل عواملها.
تابع معنا في المقال التالي ..
سليمان أبو طافش🔭
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك