كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الأول
كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الأول |
اللغات
لماذا نجد الكثير من اللغات التي يتحدثها البشر إن كانوا جميعاً قد جاؤوا من أصلٍ واحد ومن مكانٍ واحد؟ هل صحيحٌ ما ترويه بعض القصص عن أن اختلاف لغات البشر هو شكلٌ من أشكال العقاب الإلهي أم أن الحقيقة أمر آخر؟ كيف بدأت اللغات وكيف تطورت واختلفت حتى صارت على الشكل الذي نعرفه اليوم؟
|نشأة اللغة|:
لا توجد حتى الآن أية نظريةٍ شاملةٍ تشرح كيف نشأت اللغة ولا أين نشأت، وذلك لعدم توفّر الأدلّة الكافية على ذلك، ولكن يوجد رأيان مختلفان حول نشأة اللغة: الأول يعتبر بأن اللغة هبةٌ من الخالق وقد خُلقت معه، والثاني يعتبر بأن اللغة نشأت في وقتٍ ما بشكلٍ بدائيٍ ثم تطورت وتشعبت حتى أصبحت كما هي اليوم.
من الواضح بأن الرأي الأول :
هو رأي أهل الدين وهو مفهومٌ ولا يحتاج لأي شرحٍ، ولكنّه لا يقدّم أيّ دليل يثبت صحته وهو رأيٌّ إيمانيٌّ بحت ينتج عن إيمان صاحبه.
أما الرأي الثاني :
فهو الذي يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتحليل وتندرج تحته جميع الفرضيّات التي حاولت شرح كيفية نشأة اللغات وتطوّرها. ويمكن تقسيم تلك الفرضيات إلى شريحتين أساسيتين: الأولى هي الفرضيات القديمة التي ظهرت قبل تطوّر علم الآثار والحفريات والعلوم الأخرى، والثانية هي الفرضيات الحديثة.
تقوم الفرضيات القديمة على تفسيراتٍ بسيطةٍ تفتقر لأبسط الأدلة العلمية، وأشهرها الفرضية القائلة بأن الإنسان طوّر اللغات نتيجة تقليده لأصوات الحيوانات لكي يتواصل مع بني جنسه، والفرضية القائلة بأن اللغات قد تطوّرت من الأصوات |الغرائزية| التي يطلقها البشر تلقائياً منذ ولادتهم.
التفسيرات الحديثة لنشأة اللغات:
تتعامل هذه الفرضيات مع اللغات على أنها نتيجةٌ من نتائج التطور الذي مرَّ به البشر ومن ضمنها ما أصابه من طفراتٍ جينية خلال رحلة تطوره الطويلة، فهي تدرس مواطن التواصل واللغة في المخ وتدرس الصفات البشرية الخاصة به كمرونة الشفاه وبنية الحنجرة وشكل الأسنان وغيرها، ولكن جميع ما قدّمته تلك الفرضيات لا يدعمه أي دليلٍ علميٍ قاطعٍ فبقيت مجرد فرضيات.
ظهور و|تطور الكتابة|:
مهما كانت الظروف التي أدت إلى نشوء اللغات وتطورها فالأهم من ذلك بالنسبة لنا هو ظهور الكتابة وتطورها لأن الكتابة هي الوسيلة الأساسية لتوثيق الأحداث ولحفظ التاريخ والمعارف والعلوم.
قبل اختراع الكتابة كان البشر يتواصلون مع بعضهم بالأصوات والإشارات والإيماءات وغيرها من وسائل التواصل المرئية والمسموعة، إلى أن ظهرت الكتابة لأول مرةٍ في التاريخ وكانت كتابةً صوريةً تستخدم صور الأشياء للدلالة عليها وقد ظهرت أقدم تلك الكتابات التصويرية في بلاد الرافدين في عصر |الحضارة السومرية| في عام 3500 قبل الميلاد وقد سميت بالكتابة المسمارية لأن السومريين استخدموا ما يشبه المسمار لنقش تلك الصور والرسومات على ألواحٍ من الطين. كما ظهرت كتابةٌ تصويريةٌ مشابهةٌ لها في الحضارة المصرية القديمة وفي الحضارة الصينية وبشكلٍ متزامنٍ معها، وليس مؤكداً ما إن كانت الكتابة السومرية هي الأصل لكل تلك الكتابات أم أن تشابهها كان مجرد صدفةٍ لأن الكتابة التصويرية هي الشكل الأمثل الذي يناسب قدرات البشر ووسائلهم المتاحة في ذلك الوقت.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك