مسيرة فتاة الكتابة
مسيرة فتاة الكتابة |
بدأت مسيرتي الكتابيّة ، عند كنت في التاسعة من عمري ..
كتبتُ نصاً رائعاً عن " الأب " ، أذكر أنَّ الكلمات كانت مفعمة بالألم و الحب .. و الفقدان .. رغم بساطتها ..
أذكر أنَّ العديد من أصدقائي قد بكى .. يبدو أنهم أيضاً فقدوا آبائهم في الحرب ..
بينما معلمتي و على الرغم من تأثرها ، كانت سعيدة بوجود فتاة مثلي في صفها ..
فتاةٌ تجيد اتقان الكلمات الملامسة للفؤاد .. في هذا العمر البريئ ..
في الإعدادية ..
مللتُ جداً مسافة الطريق الطويلة بين المدرسة و المنزل ، مللتُ من دراسة العناء تحت ضوء الشموع ، و أنغام حرب الصراع ..
كل ما فعلته وقتها .. القراءة .. أقرأ و أدون الجمل الملفتة على دفاتري .. على أنني كتبتها..
كنت أستمتع برؤية خطي على الدفتر ، أستمتع بفكرة أنَّ هذه الجمل ملكي .. و بأنني كاتبة عظيمة ....
في الثانوية ..
" لقد كبرتي ، لستِ طفلةً بعد الآن "
هذه الجملة التي كنت أسمعها طوال الوقت ، على اختلاف ترتيب الكلمات و الغاية ...
و ضمن مرحلتي الأخيرة ، وقعتُ في علقمٍ لذيذ .. وقعتُ في حب المراهقين ..
كان في بالي كل الأفكار الوردية ، و التي فشلت بالتفتّح لاحقاً ..
ترك في داخلي بعضه ، و جعل تفاصيله تحتل عالمي ..
في الجامعة ..
أضحيت فتاةً بالغة راشدة ، أغلب أصدقائي و من حولي من فتيات تزوجنَّ ..
و في الحقيقة ، أنا سعيدة لأنه لم يحن دوري بعد ، فلا رغبة لي بهذا الالتزام و القيد و المسؤولية ..
لكنني كنت على استعداد تام .. إن كان معك ..
بدأت بتعلّم الطبخ ، و صنع الحلويات ، و العديد من الأعمال المنزلية .. جدتي اللطيفة هي من علمتني ..
يبدو بأنها قادرة و حتى في هذا العمر ، أن تقرأ عيون العاشقين ..
صممت على تعليمي " حياكة الصوف " ..
و كنت دائمة التهرب من طلبها ، فلا رغبة لي ، إنه صعب و معقد .. يرهق اليدين ، و يتعب العينين ..
و ذات مساء ..
أمسكت يدي .. بلطفها المعهود .. و قالت بصوتها الحنون :
في الحياة ، ستصادفين الكثير من القلوب المجروحة ..ماذا ستفعلين بها ؟
- سأبذل كل طاقتي لأذهب سحابة الصيف عن سمائهم .
- أأخبرك بطريقة تتفنني بخياطة القلوب ..
- ماذا ؟!
- تعلمي الحياكة ..
ضحكت لإصرر جدتي و قوتها الروحية رغم تقدّمها بالعمر ، و لبيت طلبها ..
لكنها لا تعلم ..
أنني في اليوم أخيط مئات القلوب المثقوبة ، بخيوط قلبي و كياني .. حتى غدوت ... دونه .. و لربما .. دون روح ..
و هنا تماماً .. ولد إبداعي..
انفجر ذلك البركان ، و أطلق صرخاته على عالمي .. معلناً .. صدور روايتي الأولى ..
الآن و أنا في الثلاثين .. أتذكر تفاصيل أعمق ، و كثيفة أكثر .. أوصلتني لحلمي .. و ضياعي الروحي ..
شهد بكر💗
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك