من أهّم الأغراض الشعريّة الغزل .. لنتعمّق به أكثر معاً
من أهّم الأغراض الشعريّة الغزل .. لنتعمّق به أكثر معاً |
من أهّم الأغراض الشعريّة , الغزل :
تحدثنا في المقال السابق عن غرض |الغزل الشعري| , و مصطلحاته .
و اليوم سنكمل و ننتقل إلى المعاني العامة التي تناولها |الشعراء| الجاهليون في مطالعهم الغزلية :
وضوح المعاني و الألفاظ :
صحيحٌ أن ألفاظهم و تراكبهم صعبة بالنسبة لنا , نحن أبناء العصور المتأخرة , و لكنَّ ذلك يعود إلى عدم تداولنا لنفس كلماتهم , و الحقيقة أنَّ ألفاظهم سهلةٌ جداً في غرض الغزل , فهم لم يلجؤوا إلى المواربة و الرموز .
الصدق في المشاعر :
فصدق الشعراء كان نابع عن قوّة |العاطفة| و صلابة الحب بداخل نفوسهم , فكانت بواعث شعرهم تمنحه البلاغة الصادقة و المتينة , فالصدق في نقل المشاهد و |المشاعر| , جعل لصور أبياتهم براعة تامة في التعبير عما في أعماق كيانهم .
ظهور أثر البيئة العربية :
و هي سمة عامة واضحة وضوح الشمس في سائر |الأغراض الشعريّة| , لأنَّ وسيلتهم الأولى في التصوير هي التشبيه , و هذا التشبيه يعمد صاحبه فيه إلى ما تراه عينه , أي من البيئة المحيطة به .
فتشبيه المرأة بالليل , و الجبال , و عناقيد النخيل , و الظبي , و ثمر الأراك ... و غيرها من الأمور .. كلها ترجع إلى الوسط الصحراوي الذي كانوا يعيشون به .
و من أشهر شعراء الغزل الجاهلي , |إمرؤ القيس| , إسمه الحقيقي جندح بن حجر بن حارث الكندي , و هو شاعرٌ معروف , و اسمه مألوف متداول بين الأدباء و العامة أيضاً , على اختلاف و تعدد الأشخاص الذين يحملون هذا الإسم .. إلا أنَّ هذا الشخص تحديداً هو أوّل من يخطر على بالنا عندما نقول " هذه القصيدة لإمرؤ القيس " ..
و من أهم ما قاله في الغزل :
لَعَمرُكَ ما قَلبي إِلى أَهلِهِ بِحُر
وَلا مُقصِرٍ يَومًا فَيَأتِيَني بِقُر
أَلا إِنَّما الدَهرُ لَيالٍ وَأَعصُرِ
وَلَيسَ عَلى شَيءٍ قَويمٍ بِمُستَمِر
لَيالٍ بِذاتِ الطَلحِ عِندَ مُحَجَّرِ
أَحَبُّ إِلَينا مِن لَيالٍ عَلى أُقَر ...
و ثاني أشهر الشعراء المعروفين أيضاً , |عنترة بن شداد| , و هو شاعرٌ عفيف , عُرف بعشقه و ولعه بفتاةٍ تدعى " عبلة " , قصتهم من أعظم قصص الحبِّ المخلّدة حتى يومنا هذا ..
و هذه الأبيات من أجمل ما وصل لفؤاد عصرنا :
وقال لها البدرُ المنيرُ ألا اسفري
فإنَّك مثْلي في الكَمال وفي السَّعْدِ
فولتْ حياء ثم أرختْ لثامها
وقد نثرتْ من خدِّها رطبَ الوردِ
وسلَّتْ حسامًا من سواجي جفونها
كسيْفِ أبيها القاطع المرهفِ الحدّ
تُقاتلُ عيناها به وَهْوَ مُغمدٌ
ومنْ عجبٍ أن يقطع السيفُ في الغمدِ
مُرنِّحةُ الأَعطاف مَهْضومةُ الحَشا
منعمة الأطرافِ مائسة القدِّ
يبيتُ فتاتُ المسكِ تحتَ لثامها
فيزدادُ منْ أنفاسها أرج الندّ
ويطلعُ ضوء الصبح تحتَ جبينها
فيغْشاهُ ليلٌ منْ دجى شَعرها الجَعدِ
وبين ثناياها إذا ما تبسَّمتْ
مديرُ مدامٍ يمزجُ الراحَ بالشَّهد
و بعد كل ما سبق , يمكننا القول أنَّ الغزل فطرةٌ أزلية , بل هي |سرمديّة| , ولدتْ مع الإنسان .. و لن تفنَ إلا معه ..
نتمنّى أن ينال إعجابكم هذا المقال ...
شهد بكر ✒️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك