اكتساب اللغة التواصلية عند الأطفال
اكتساب اللغة التواصلية عند الأطفال تصميم الصورة : ندى الحمصي |
بلهفةٍ لا مثيلَ لها تنتظر الآذان سماع أول كلمةٍ تنطلق من ثغر أطفالنا لتشعّ العيون بريقاً حُلواً مفعماً بالأملِ و الحب فترقص ترانيمُ القلبِ و تبتهجُ المسامع بما سمعت.
يا لها من لحظةٍ تستحق الانتظار!
و الآن دعونا نعرض لكم في مقالنا الآتي عن اكتساب |اللغة التواصلية |عند الأطفال، متطلباتها و مراحلها.
تعتبر اللغة وسيلة تواصلية أساسية ولكنها ليست الوحيدة .
فالطفل لا يكون قادراً على إنتاج| الكلام |و استخدامه للتواصل فور ولادته فيلجأ إلى استخدام |الإشارات| و الإيماءات للتعبير عن احتياجاته الأساسية,
إلى أن يصبح قادراً على الكلام و |التعبير اللفظي|.
ولتحقيق هذه القدرة لدينا متطلبات جوهرية يجب توافرها عند الطفل ليتم اكتساب اللغة بشكل طبيعي وتحقيق التواصل الفعال.
■ماذا يعني اكتساب اللغة ؟
هي العملية التي تتيح للفرد القدرة على استقبال |اللغة| سمعاً و استيعاباً و أيضاً إنتاجها بغرض |التواصل|.
■ ماهي متطلبات اكتساب اللغة ؟
حدد الباحثون خمس متطلبات أساسية للتواصل في المرحلة المبكرة و أكدوا على أنّ توفر مثل هذه المتطلبات تُمكّن الطفل من التواصل بشكل تدريجي و تشتمل المتطلبات على :
1- القدرات البيولوجية.
2- البيئة اللغوية المحيطة.
3- القدرات المعرفية.
4- الحاجة للتواصل.
5- القدرات الإجتماعية.
• القدرات البيولوجية:
هناك عناصر بيولوجية كثيرة تعتبر من المتطلبات الأساسية لاكتساب اللغة أهمها:
- القدرات الحسية:
من الضروري أن يمتلك الطفل قدرات حسية ملائمة خاصةً |السمع| الذي يعطي الطفل القدرة على استقبال كلام الآخرين و الحصول على تغذية راجعة لكلامه،
كما أنّ |البصر |يمكن الطفل من رؤية تواصل الناس ضمن| البيئة| و يساعده في استيعاب |المعلومات |ومن ثم تطوير القدرات التواصلية الخاصة به.
▪︎ نسنتنج أن البصر و السمع الطبيعيين أساسيان لتطور اللغة.
- القدرات الحركية:
عندما نستعمل جهاز |النطق| لدينا لإنتاج اللغة فإن هناك حركات دقيقة و معقدة جداً يجب القيام بها،
فأعضاء النطق تتحرك بسرعة باتجاه بعضها البعض لإنتاج| الأصوات |بصورة إرادية.
في حال وجود خلل في |التحكم الإرادي |في حركة الجهاز النطقي فلن يستطيع الشخص إنتاج اللغة المنطوقة (حالة الأطفال التي تعاني من |شلل دماغي |الذي يواجه |صعوبات| كبيرة في تنسيق الحركات الدقيقة تجعله غير قادر على الكلام إلى حد كبير).
▪︎ نستنتج أن القدرة الحركية السليمة متطلب أساسي لإنتاج اللغة المنطوقة .
- الحالة العصبية:
|أكدت الدراسات| أن اللغة مهارة تحتاج إلى أدمغة كبيرة ومعقدة لاكتسابها و حين يصاب الشخص البالغ بتلف دماغي (مثل جلطة دماغية) فإن أكثر المهارات تعقيداً تضيع فالشخص المصاب تتعطل لديه التنسيق الحركي الدقيق و اللغة و الكلام.
▪︎ نستنتج أن السلامة |العصبية| ضرورية لاكتساب و تطوير اللغة.
- البنية التشريحية:
يحتاج إنتاج اللغة إلى جهاز نطقي سليم و مكتمل التطور و غالباً مايعاني| الأطفال| الذين يولدون وعندهم تشوهات في| الفم| أو الوجه من صعوبات في إنتاج اللغة المنطوقة.
▪︎ نستنتج أن سلامة البنى التشريحية من حيث الشكل و الحجم و اللون أساسي لإنتاج اللغة.
• البيئة اللغوية المحيطة:
يتعلم| الأطفال| لغة ثقافتهم، فنجد أن البيت هو المكان الأول الذي يقدم للطفل نماذج لغوية ليقتدي بها أثناء تطوير قدراته التواصلية،
و قد أوجدت الدراسات أنّ الحالات الشاذة التي تمت فيها| تربية الأطفال| من قبل آباء مرضى نفسيين أو في بيئات مضطربة فقيرة لغوياً أدت إلى عدم قدرة هؤلاء الأطفال على |التواصل اللغوي |الشفوي.
الطفل العادي يكتسب معظم لغته عندما يتفاعل مع والديه، لذلك نلاحظ أنه يصغي إليهم باهتمام شديد أثناء| اللعب| أو التحدث إليه.
• القدرات الإدراكية ( المعرفية):
الإدراك عملية معقدة جداً.
هناك علاقة ترابطية وثيقة بين تطور الإدراك و اكتساب اللغة فالطفل لن ينطق كلماته الأولى إلا بعد أن يصل إلى مستوى معين من |الإدراك|.
•الحاجة للتواصل أو الرغبة في التواصل:
لايمكن للطفل أن يطور لغة ألا إذا كان لديه دافع أو رغبة في استعمال هذه اللغة بغرض التواصل فكما نعلم أننا نتحدث لأن لدينا هدف معين يجب إيصاله وللتأثير على المستمع وشد انتباهه.
فإذا كان |الأهل |يوفرون للطفل كل متطلباته دون أن يطلبها أو حتى بمجرد |الإشارة |إليها فإن الطفل يشعر بعدم الحاجة للكلام و يستغني عن هذه المهارة لأن البيئة المحيطة به توفر له كافة احتياجاته دون طلبها.
•القدرات الإجتماعية:
يوجد العديد من القدرات الاجتماعية التي تكون سابقة للّغة المنطوقة و من بين هذه القدرات و أهمها
▪︎ المرجعية المشتركة :
وتعني أن ينظر الأطفال ووالديهم أو المحيطين بهم إلى نفس الأشياء أو الأحداث التي تحصل أمامهم. أثناء تلك اللحظة يتحدث الوالدين لأطفالهم عن الأشياء التي يشاهدونها ووظائفها و الأحداث التي تدور و يجيبون على استفسارات الأطفال ,
مما يؤدي إلى استفادة الطفل من هذه الأحداث و التفاعلات اللغوية من خلال زيادة مفرداتهم و |القواعد اللغوية|.
دعونا نعرض مثال في هذا الجانب؛ مثلاً في أثناء اللقاءات الأسرية أو في المناسبات الإجتماعية يوجه الآباء أطفالهم لإلقاء التحية بقول كذا و كيفية تقديم التهنئة في المناسبات والأعياد،
أيضاً تعليمهم مايجب قوله عند طلب شيء و مايجب قوله عندما يُعطى هذا الشيء و هكذا.
▪︎ تبادل الأدوار:
هو عنصر أساسي من عناصر استخدام اللغة.
ويقع على عاتق الأهل تعليم أطفالهم هذه المهارة منذ صغرهم، فمن غير المقبول أن يتكلم الحاضرين جميعهم في لحظةٍ واحدة أو أن يتكلم شخصٌ فقط طوال الوقت.
فالناس يتبادلون الأدوار فيما بينهم أثناء الحديث.
وفي نهاية مقالنا نجد أن اكتساب اللغة عند الأطفال عمليةٌ معقدةُ ليست بالسهولة التي نتخيلها،
كثيرٌ منّا حتى |الأمهات| لاتفكر كثيراُ في هذه التفاصيل بل تعتبرها (تحصيل حاصل) لكنّها مهمةٌ صعبةٌ تقع على كاهل الأطفال و تستنفذ منهم الكثير من القدرات و العمليات
🌷 بقلم سارة حسنين
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك