مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 10/27/2021 09:22:00 م

الأبعاد الناتجة عن إساءات الأبوين من كتاب أبي الذي أكره..الجزء الأول

الأبعاد الناتجة عن إساءات الأبوين من كتاب أبي الذي أكره..الجزء الأول
الأبعاد الناتجة عن إساءات الأبوين من كتاب أبي الذي أكره..الجزء الأول
تصميم الصورة: وفاء مؤذن


صوّر الكاتب الإساءات الأسريّة التي من الممكن أن يتعرّض لها أيّ منا بالسجن الكبير، وبداخل كل زنزانة منه شخص، والمشترك بين هؤلاء الأشخاص أنهم جميعاً أبرياء.


السجن الأسري:

الذي خلق هذا السجن هم أقرب الناس إليهم، كآبائهم، أمهاتهم، أقربائهم،معلميهم وغيرهم.

الغريب، أنّ أبواب الزنزانات كانت مفتوحة، ولكنهم اعتادوا على سجنهم، ولم يخطر في بال أحدهم أنّه من الممكن وجود حياة مختلفة عن الحياة التي يعيشونها.

 إلى أن تجرّأ أحدهم وخرج للنور، وتفاجئ باختلاف الحياة، و دعا الجميع للخروج والالتقاء عند ممر التعافي، وحفروا على الجدران حكاياتهم وأسرار الهروب من ظلمات السجن.


أصدقاؤنا الذين تحرروا منصفين، وفرقوا لنا بين الإساءات الأسريّة التي تركّز على الخطأ والأذى أكثر من الصواب والعناية والحب، وبين الأخطاء التي ممكن لكل أب وأم جيدين أن يقعوا بها.


أي إساءة تترك بداخلنا أربع أبعاد:


1) جرح |الهجر|:

كأن تولد بلا وطن أو جنسية، أو أن تفقدهم، فالأرض التي تحتويك والبيئة الداعمة لك لم تعد موجودة.


الأسرة بالنسبة لأي إنسان هي الدائرة الحاضنة له، نصف قطرها هو الذراع الأبوي والنصف الآخر هو حضن الأمومة. ومحيط هذه الدائرة هو حالة الاحتضان الشعوري والجسدي. 

باختصار: الأسرة هي وطنك، فإن لم تجد الاحتضان من وطنك، ستبقى لاجئاً في الحياة.


 وسيزيد على تهديد وجودك في العالم، تهديد هجر البيئة الحاضنة، وستبدأ بالبحث عن بيئات أخرى تكون كالمسكنات بالنسبة لك مثل، الانعزال المفرط، الشهرة أو الإدمان بمختلف أنواعه، كمحاولة منك للتعويض.


جزء كبير من التعافي من إساءة الهجر يكون بأن تجد بيئة حاضنة آمنة وسوية، عوضاً عن البيئة التي هجرتك. مثل، طبيب، معالج مختص أو صديق حقيقي.


2) |الاستياء| الدفين:

هو عبارة عن مشاعر غضب مكبوتة تجاه الأهل المسيئين، لأنّنا لم نستطع الصراخ في وجهه من الألم، خوفاً من استفزاز مشاعره. مما ينعكس سلباً علينا.


هذا النوع من الغضب من أصعب المشاعر وأكثرها ثوريّة وتمرّد، فلن تستطيع نفيه بداخلك مهما حاولت، وسيظهر بأحد الأشكال التالية:


1- |التحول|: 

أي يتحوّل ضد أناس آخرين غير الشخص المسيء، كأطفالنا مثلاً، وهنا تبدأ مأساة أننا نكرّر الذي حدث لنا مع غيرنا، الطفل بدوره سيبقى بداخله طفل غاضب ويخرجه أمام شخص ثالث، ونبقى في دوامة أنّ الآباء الغاضبين ليسوا بالأصل إلا أطفالاً غاضبين.


2- يمكن أن نغضب لأتفه الأسباب، والتفريغ بأي شيء نصادفهُ.


3- يمكن أن يتحوّل هذا |الغضب| المكبوت تجاه ذاتنا:

فنمارس على نفسنا انتقام ذاتي، ونبقى بمحكمة نحن فيها القضاة والجناة والضحايا بنفس الوقت.


الحلّ مع مشكلة الاستياء الدفين، أن نصغِ إلى صرخة الطفل الغاضب بداخلنا، نتقبلها، نفهمها ونتعاطف معه ليهدأ. مما يجعلنا نتجنب نوبة التمرّد التي تنتابه من وقت لآخر.



3) الصدمة وعدم |الشعور بالأمان|:

الإساءات تسرق منا الأمان الداخلي، ويظهر بدلاً عنه الخوف الدائم، فنشعر بالوحدة والخطر وممكن أن نرى أنّ الوجود كله عبث وبلا غاية وأننا نعيش بلا هدف.


افتقاد مشاعر الأمان يدخلنا بأزمة نفسيّة عميقة لدرجة تجعل مشاعر الغضب تتجه نحو السماء وأصل وجودنا، 

وتساؤلاتنا التي هي تفريغ للغضب والخوف المتعلق الإساءات، من الممكن أن تتصنف في فئة الغاضبين على الدين نفسه.


ما هو مصدر المشكلة؟ 

الخلط بين الخالق والسلطة الأبويّة. فعندما يحدث خلل في علاقة الطفل بوالديه، تتشوه صورة الخالق في ذهنه، لذلك كثير من الذين لديهم مشكلة في علاقتهم مع الإيمان ممكن أن يعود سبب سخطهم هذا لعلاقتهم بأهلهم.


4) |الخزي|:

لا يوجد شخص يستطيع أن يتقبّل ويحب نفسه بشكل صحيح ما لم يتلق حبّ صحي.

إننا نتصوّر أنّ الإساءات في التكوين والتربية تجعل الأبناء يسخطون على آبائهم. لكن في الحقيقة هذه الإساءات تجعلهم يكرهون أنفسهم.


يفكرون، لو كانت أسرنا التي من المفروض أن تحبنا بالفطرة وتتقبلنا قد هجرتنا، هل سنكون محبوبين عند الغير؟!

 لا بد أن الخلل موجود فينا نحن كأشخاص، ومن هنا يأتي الشعور بالخزي.


الخزي: هو شعور مركّب من الذنب والرفض الذاتي، يشعر فيه الشخص أن الخطأ هو به نفسه.


هذه الأبعاد السابق ذكرها، ممكن أن تكون تطبّعت في شخصيتنا نتيجة الإساءة المتكررة من الأسرة ونتيجة الهجر وغياب الحب وبسبب الخزي الذي سبب خلل في علاقتنا بشكل عام أو ما يسمى اضطراب العلاقات.


هذا كان الجزء الأول من المقال لمتابعة أشكال اضطرابات العلاقات الناتجة عن الإساءات الأسرية الانتقال إلى المقال التالي🌸🌸


بقلمي دنيا عبد الله ✍️

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.