العيش المفرد وتداعياته - الجزء الأول
العيش المفرد وتداعياته - الجزء الأول |
العيش المفرد :
بين أحد الاستطلاعات الذي أجرته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018 بأن عدد الأشخاص الذين يعيشون لوحدهم يتجاوز 36 مليون شخص وهذا يمثل نسبة 28% من مجموع الأسر الأمريكية، وهذه النسبة وسطية ففي بعض الأحياء أو المدن وصلت هذه النسبة إلى أكثر من 40%، وبناءً على دراسة مماثلة أجريت في المملكة المتحدة تم إنشاء وزارة مختصة بالناس الذين يعيشون بمفردهم وأسموها وزارة |العزلة|،
فما هي الأسباب التي أدت لانتشار هذه الظاهرة وما هي تداعياتها؟
ظاهرة الوحدة:
في عام 2003 اجتاحت أوروبا موجة حر أودت بحياة عشرات آلاف الأشخاص. وقد تبين فيما بعد بأن معظم الذي ماتوا وقتها هم أشخاص تجاوزت أعمارهم السبعين سنة ويعيشون بمفردهم، فكانت تلك الحادثة هي الأولى من نوعها التي نبّهت الحكومات و الباحثين إلى ظاهرة العيش المنفرد و أخطارها وما قد ينتج عنها.
معظم الذين ماتوا في تلك الحادثة ماتوا بسبب الجفاف دون أن يجدوا من يهتم بهم ويساعدهم أو يسعفهم أو حتى ينقذهم بكأس ماء.
في عام 2019 تكرّرت موجة الحر السابقة ولكن بصورة أشد و استمرت لفترة أطول ولكن عدد الوفيات بسببها كان أقل بكثير مما حصل في عام 2003 رغم أن نصف المتوفين كانوا ممن يعيشون بمفردهم أيضاً.
أهم الدراسات:
بينت الدراسات بأن للعيش المنفرد تداعيات كثيرة على |الصحة النفسية| والجسدية للشخص، فهي سبب رئيس لمعظم حالات |الاكتئاب| و القلق وأحياناً تتدهور الحالة النفسية للشخص وتدفعه إلى الانتحار.أما من الناحية الجسدية فقد تبين بأن الكثير من الأمراض مثل أمراض القلب و الضغط والزهايمر تظهر أكثر عند الذين يعيشون منفردين.
ذكرت وزيرة العزلة البريطانية بأن أكثر من 20% من حالات المرض العرضي مثل الصداع و آلام البطن وغيرها تعود لأشخاصٍ يعيشون بمفردهم، ما يعني أن العيش المنفرد يزيد أعراض المرض و الإحساس به.
تشير الدراسات إلى أن آثار العزلة على صحة غير المدخنين من البشر تعادل آثار التدخين على صحة المدخنين بل قد تكون أسوأ في بعض الحالات.
|الإحساس بالعزلة|:
الأسوأ من العيش المنفرد هو الإحساس بالعزلة فبعض الناس يعيشون بمفردهم ولكنهم يحضون بالكثير من الأصدقاء و الأقارب و الجيران فلا يشعرون بالوحدة أبداً، بينما نجد الكثير من الناس الذين يعيشون مع عائلاتهم وبين أقاربهم يعانون من الوحدة. فالوحدة بأبسط أشكالها تعني أن يشعر المرء بأن مستوى العلاقات الاجتماعية التي يحظى بها أقل مما يريد.
بعض الناس يفضلون العيش المنفرد فهم راضون عن حياتهم الاجتماعية ولا يريدون المزيد، مثل هؤلاء الناس لا يعانون أبداً من أعراض العزلة.
والغريب في الأمر أن |وسائط التواصل الاجتماعي| زادت من إحساس الناس بالعزلة خاصةً عند مشاهدة الأسر السعيدة التي تقوم بأنشطة مختلفة يرغب الشخص المنعزل القيام بها ولكنه لا يجد من يشاركه تلك النشاطات.
لمعرفة مدى إحساس الناس بالوحدة يمكن أن نطرح عليهم السؤال التالي: " هل لديك من تناقشه في أمورك الشخصية؟"
كل من لديه أشخاص يستطيع مشاركتهم همومه وتطلعاته ومناقشة شؤونه الخاصة لا تظهر لديه أعراض الشعور بالعزلة حتى لو عاش منفرداً بمعنى أن الوحدة قد تعني غياب الأصدقاء و المقربين.
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك