العيش المفرد وتداعياته - الجزء الثاني
العيش المفرد وتداعياته - الجزء الثاني |
تكملة لما تكلمنا عنه سابقاً حول العيش المفرد وتداعياته ....
الشعور بالوحدة:
ما هو مدى انتشار الشعور بالوحدة في المجتمعات العربية؟
للأسف لا توجد إحصاءات ودراسات دقيقة حول هذا الموضوع مثل غيره الكثير ولكن من المعروف بأن هناك الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها مجتمعاتنا مثل ارتفاع نسبة الطلاق مثلاً وسوء الأوضاع المعيشية وكلها تتداخل مع مشكلة العيش المنفرد وتقود إليها بل تزيد منها خاصة في ظل التداعيات السياسية والاقتصادية التي اجتاحت مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة.
للأسف فإن ظاهرة الشعور بالوحدة في مجتمعاتنا تنتشر بشدة بين صفوف الشباب أكثر مما هي بين المسنين ويعود ذلك لأسباب كثيرة منها فقدان الشباب للشعور بالأمل بمستقبل أفضل و هذا الشعور قد يكون محبطاً و مريراً أو حتى قاتلاً.
تبين بعض استطلاعات الرأي بأن أكثر من 10% من الشباب في مجتمعنا يشعرون بالوحدة دائماً مقارنة مع 3% فقط من كبار السن، وهناك حوالي 23% من الشباب يشعرون بالوحدة أحياناً بمقابل 10% من كبار السن، وهذا يعني بأن ثلث الشباب العربي يشعرون بالوحدة الدائمة أو المؤقتة ونسبتهم أكثر بكثير من النسبة التي نجدها بين كبار السن وهذا يتناقض تماماً مع ما نجده في الدول المتقدمة.
هل التواصل مع الأهل و الأصدقاء عبر وسائط التواصل الاجتماعي تزيد من الشعور بالوحدة أم تقلله؟
بينت بعض الدراسات بأن التواصل الاجتماعي عبر مختلف تلك الوسائط يزيد الشعور بالوحدة لأن معظمها يكون بدون مشاعر صادقة وهي تعطي مشاعر و انطباعات غير صحيحة عن حقيقة ما يجري داخل النفوس فقديماً قالوا:"العين مغرفة الكلام".
ما هي أسباب الشعور بالوحدة بين الشباب العربي؟
1) تردي |الأوضاع المعيشية| وقلة |فرص العمل| وفقدان الأمل بالمستقبل.
2) انشغال الأهل بمشاغل الحياة في سعيهم لتأمين ظروف أفضل لأبناهم يجعلهم غائبين عنهم معظم الوقت فيلجأ الأبناء إلى بدائل عنهم.
3) معظم الأبناء لا يجدون تلك البدائل إلا في ألعاب الفيديو والموبايل التي تزيد عزلتهم وتبعدهم أكثر عن المجتمع.
4) أدى انتشار وسائط التواصل الاجتماعي إلى وجود أصدقاء افتراضيين ووهميين وهم غالباً غير معروفين وغير صادقين ويروّجون للكثير من العلاقات غير السوية وكل ذلك يصنع المزيد من الحواجز بين الشباب و مجتمعاتهم ويزيد عزلتهم وشعورهم بالوحدة.
5) اختلاف طبيعة العلاقات الاجتماعية فبعد أن كانت المجالس تجمع الناس من مختلف الفئات العمرية وكانت بمنزلة مدارس اجتماعية نجد اليوم بأن معظم الشباب أكثر ميلاً إلى الاختلاط بأترابهم و الابتعاد عن كبار السن وتنامي شعورهم بأن هؤلاء الكبار أقل ذكاءٍ ومعرفةً من الشباب.
6) غياب القدوة أو تشويه صورتها في أذهان الشباب ما جعلهم يبحثون عنها في مجتمعاتٍ أخرى تحمل قيماً مختلفة عما نجده في مجتمعاتنا.
7) تعدد وتنوع مصادر المعرفة من تلفزة وإنترنت وغيرها، وليست كلها ذات مصداقية بل إن الكثير منها موجّه ويهدف إلى تشويه فكر الأجيال ومسح الذاكرة الشعبية وتغيير القيم والمبادئ وتدمير العقول.
كل تلك العوامل والأسباب وغيرها الكثير أدى إلى انتشار ظاهرة الشعور بالعزلة بين الشباب وقد وصل هذا الشعور إلى حد الانتحار فقد زادت نسبة الانتحار بين الشباب كثيراً في السنوات الأخيرة.
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك