كيف تطور مفهومنا للمادة؟ - الجزء الأول
كيف تطور مفهومنا للمادة؟ - الجزء الأول |
منذ أن فتح الإنسان عقله للكون وجد أمامه الكثير من الأسئلة والاستفسارات ومن جملة الأسئلة الهامة التي شغلت باله سؤالٌ هامٌ جداً هو:
ما هي مكونات المادة؟
وقبل ما يزيد على ألفي سنة وضع العلماء الإغريق تصوّراً منطقياً للمادة فقالوا:
لو قسّمنا أي شيء إلى قسمين، ثم قسّمنا أحدهما إلى قسمين، وكررنا ذلك مراراً وتكراراً فيجب أن نصل إلى مرحلة يستحيل عندها تقسيم الأجزاء أكثر، فأطلقوا على أصغر جزء يمكن الوصول إليه بعملية التقسيم اسم Atom ومعناه "الجزء الذي لا يتجزأ"، ثم أخذ العلماء المسلمون ذلك الاسم وعرّبوه إلى كلمة ذرّة، فصار الأمر السائد أن المادة تتكون من ذرات، وكان التصور المعروف للذرة هو أنها كرة مصمتة، وبعد اكتشاف الكهرباء تبين بأن الذرة معتدلة كهربائياً، وبقي هذا المفهوم للمادة مسيطراً لعقودٍ طويلةٍ حتى جاء عالم يدعى طومسون سنة 1897 و اكتشف أن الذرة ليست كرة مصمتة متجانسة بل هناك جزءٌ منها عبارة عن مجموعة من الجسيمات الصغيرة سالبة الشحنة سماها الإلكترونات وبما أن الذرة معتدلة كهربائياً فإن بقية الذرة موجبة الشحنة بحيث تكون شحنة الإلكترونات السالبة تعادل الشحنة الموجبة لبقية الذرة.وقد حاز طومسون على جائزة نوبل بسبب هذا الاكتشاف.
بعد ذلك بسنوات اكتشف العالم رذرفورد بأن ما توصل إليه طومسون ليس دقيقاً بواسطة تجربةٍ أجراها حيث أطلق مجموعةً من الجسيمات الدقيقة موجبة الشحنة تعرف بأشعة ألفا على شريحة من الذهب فوجد أن معظم الأشعة قد عبرت الشريحة وجزءٌ بسيطٌ منها قد انعكس فاكتشف بذلك أن معظم الذرة فارغ فقال بأن الذرة تتكون من نواة موجبة الشحنة هي التي عكست الأشعة وهناك جسيمات صغيرة سالبة الشحنة تدور حولها هي الإلكترونات، فأصبحت الذرة وفق نموذج رذرفورد تشبه المجموعة الشمسية فالشمس تقابل النواة والكواكب تقابل الإلكترونات وقد حاز رذرفورد على جائزة نوبل أيضاً.
بقي نموذج رذرفورد للذرة سائداً لوقتٍ طويلٍ جداً ولكن بعض التعديلات قد أضيقت إليه.
فقد اكتشف العالم نيلز بور بأن الإلكترونات تدور حول النواة في مدارات محددة فإذا استطاع إلكترونٌ ما اكتساب كَمّيَّة كافية من الطاقة فإنه يغادر مداره الخاص إلى مدار أعلى بحيث يبقى فيه لفترةٍ محددة ثم يعود إلى مداره الأصلي وأثناء عودته فأنه يطلق كميةً من الطاقة على شكل ضوء.
في ذلك الوقت كان توماس أديسون قد اكتشف المصباح الكهربائي وكان لون الضوء الصادر من المصباح يتدرج من الأحمر إلى الأصفر إلى الأبيض طِبْقاً لـِ درجة تسخينه ما جعل العلماء يتساءلون: لماذا يتغير لون الضوء ولماذا يتوقف عند اللون الأبيض ولا يتغير بعدها؟
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك