كيف تطور مفهومنا للمادة؟ - الجزء الثاني
كيف تطور مفهومنا للمادة؟ - الجزء الثاني |
تتمة لما تكلمنا عنه سابقاً حول كيف تطور مفهومنا للمادة؟
نظرية الكوانتم :
كان نموذج بور للذرة هو مفتاح الإجابة على ذلك السؤال خاصةً بعد أن قدّم العالم ماكس بلانك نظرية الكم (الكوانتم) التي تقول بأن الطاقة تتألف من أجزاء صغيرة جداً فإذا اكتسب الإلكترون عدداً محدداً من أجزاء الطاقة فإنه سينتقل إلى مدارٍ جديد أما إذا اكتسب عدداً أقل فإنه لن يغادر مداره فهو إما أن يبقى في مداره أو أن ينتقل إلى مدار آخر ولا يمكن له أبداً التواجد بين مدارين،
فكانت إجابة ذلك السؤال على النحو التالي:
عند تسخين سلك المصباح بما يكفي ينتقل الإلكترون من مداره إلى مدارٍ أعلى وعند عودته إلى مداره يطلق كميةً من الطاقة على شكل ضوءٍ أحمر، وبزيادة تسخين السلك سيكتسب الإلكترون طاقة أكبر تجعله ينتقل إلى مدارٍ أعلى وعند عودته من المدار الأعلى سيطلق طاقةً أكبر على شكل ضوءٍ أصفر، أما عندما يصبح لون السلك أبيض فيكون الإلكترون قد وصل إلى المدار الأخير فلا يمكن إطلاق ضوء آخر بعد ذلك.
ولكن الغريب في الأمر أن الإلكترون عندما ينتقل من مداره إلى مدارٍ آخر فإنه لا يقطع المسافة بين المدارين بل هو يختفي فجأة من مداره ويظهر في نفس اللحظة في المدار الجديد فتطورت بذلك نظرة العلماء إلى الإلكترونات فأصبحت أشبه بالسحابة بدلاً من كونها جسيمات ثم تبين فيما بعد حَسَبَ نظرية الكم بأنه لا يمكننا تحديد مكان وسرعة الإلكترون في نفس الوقت فإما أن نحدد مكانه ونجهل سرعته أو أن نحدد سرعته ونجهل مكانه.
تجارِب ألبرت أينشتاين:
في نفس تلك المدّة تقريباً كان العالم الشهير ألبرت أينشتاين يُجري تجاربه على العَلاقة بين الكهرباء و الضوء فوجد بأن تسليط شعاع ضوئي على سلكين قريبين من بعضهما وغير متلامسين سيولّد فيهما تياراً كهربائياً بمعنى أن الضوء استطاع اخراج الإلكترونات من مداراتها ومن ذراتها أيضاً، وقد وجد أيضاً بأن شدة التيار المتولد تختلف حَسَبَ لون الضوء الساقط على السلكين وليس حَسَبَ شدة الإضاءة وهذا ما يتوافق مع تفسير تغير لون ضوء مصباح أديسون، فاكتشف آينشتاين بأن كل لون من ألوان الضوء يمتلك عدداً محدداً من كميات الطاقة فوضع بذلك نظريته الكهرضوئية التي حاز بها على جائزة نوبل.
ولكن ذلك يعني بأن الضوء يتألف من جسيمات لأنه استطاع دفع الإلكترونات لإخراجها من مداراتها في حين أن التجارِب كانت قد أثبتت بأن الضوء موجات ما دفع آينشتاين إلى القول بأن الضوء عبارة عن جسيم له طبيعة موجية.
وفي نفس الوقت كان العالم لويس دي بروي يتابع ما توصل إليه آينشتاين فقال: إذا كان الضوء جسيم له طبيعة موجية بمعنى أنه يستطيع التصرف كجسيم أو كموجة وقد استطاع دفع الإلكترون فهذا يعني بأن الإلكترون أيضاً هو جسيم وموجة في نفس الوقت، وكانت هذه قفزة جديدة في تطور نظرتنا إلى المادة، فإذا كان الإلكترون موجة وهو مكون رئيس للذرة فهذا يعني بأن الذرة أيضاً هي موجة وإذا كانت الذرة موجة فالمادة كلها عبارة عن موجات.
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك