رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الأول
رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الأول |
ما الذي يميّز الإنسان الحالي عن الإنسان الذي عاش في |العصر الحجري|؟ ما الفرق بين الإنسان المتحضّر و|الإنسان البدائي|؟ ما الفرق بين من يحيى في أكثر المدن تقدّماً وبين من يحيى في مجاهل الغابات وعلى حدود الصحراء؟ ما الذي مكّننا من تجاوز حدود الجاذبية لنسبح بين الغيوم ونسافر إلى خارج حدود كوكبنا؟ ما الذي يجعلنا ما نحن عليه اليوم؟
|العلم|
إن الجواب الوحيد لكل تلك الأسئلة هو العلم والمعرفة. فالعلم هو الوسيلة الوحيدة التي نمتلكها حتى الآن والتي أوصلتنا إلى الكثير من الحقائق المؤكدة. فبالعلم وحده ظهرت الحضارات وتطوّرت وازدهرت، وبالعلم وحده تخلّص الإنسان من جهله وتبعيته للأساطير والخرافات، وبالعلم وحده عرف الإنسان كلَّ ما يعرفه اليوم ووصل إلى كل ما وصل إليه. فكيف بدأ العلم وكيف تطوّر حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم؟ دعونا نكتشف ذلك في السطور القادمة.
ما هو العلم؟
قد لا نجد تعريفاً دقيقاً لوصف العلم أفضل من كونه نظاماً متكاملاً قائماً على مجموعةٍ من المعارف والخبرات المتعلقة بالعالم المادي والطبيعي، وهو يعتمد على منهجٍ منظّمٍ ومنضبطٍ وواضح المعالم، غير متحيّزٍ، قابلٍ للتجربة والاختبار، فهو باختصارٍ يشكّل المعرفة الحقيقة والممنهجة التي ترصد الحقائق المتعلقة بالكون المادي وقوانينه، فهو لا يعترف بالخرافة والحدس والتخمين، ولا يسير على خطى الأوهام والاعتقادات، ولا يسمح للأسطورة بأن تشوّه رؤيته وتحرفه عن مساره. وينقسم العلم عموماً إلى ثلاثة فروعٍ رئيسيةٍ تندرج تحتها مختلف أشكال العلوم هي: العلوم الطبيعية المتعلقة بالطبيعة وظواهرها كالفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء وعلم الأرض والجغرافيا والفلك وغيرها، والعلوم الاجتماعية المتعلقة بالإنسان والمجتمع والسلوك البشري مثل علم الاجتماع والاقتصاد وعلم النفس البشرية وغيرها، والعلوم الشكلية التي تتعامل مع المفاهيم المجرّدة والحقائق المطلقة مثل الرياضيات والمنطق وغيرها.
البدايات:
بدأ الإنسان منذ القدم باستكشاف |البيئة| التي تحيط به، محاولاً فهمها لحماية نفسه ولتأمين حاجاته الأساسية، فراح يجرّب الأشياء ويكتسب المعارف بفضل عقله الذي ميّزه عن غيره من الكائنات، فأخذت حياته تتبدّل وتتغيّر يوماً بعد يوم، خاصةً عندما عرف كيف يتعامل مع النار ويوظّفها لخدمته في الإضاءة والتدفئة وإبعاد الحيوانات المفترسة والطبخ وغيرها، كذلك تعلّم الإنسان كيف يصنع الأدوات البسيطة من المواد المتوفرة حوله كالحجارة وأغصان الأشجار، ثم اكتشف المعادن وعرف كيف يشكّلها ويصنع منها أدواتٍ أفضل، ولكن القفزة الهامة في تاريخ البشرية حدثت مع اكتشاف الإنسان للزراعة، فهذه النقلة النوعية قلبت حياة البشر من حياة التنقّل و الترحال إلى حياة الاستقرار بجانب أراضيه الزراعية التي كانت دائماً قرب مصادر المياه كالبحيرات والأنهار والينابيع، وهذا ما سمح بظهور التجمعّات البشرية الصغيرة التي تحوّلت إلى قرى ثم إلى مدن ثم إلى ممالك وامبراطوريات، ما أدى إلى ظهور مجموعةٍ كبيرةٍ من الحضارات منذ آلاف السنين.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك