رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الثاني
رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الثاني |
استكمالاً لما تكلمنا عنه سابقاً حول رحلة العلم منذ العصر الحجري ....
المعارف و المهارات والثورة الأولى:
اكتساب المعارف والمهارات:
في تلك المرحلة التي استقر فيها الإنسان بعد |اكتشاف الزراعة|، استطاع الإنسان تطوير مجموعةٍ كبيرةٍ من المعارف والخبرات مثل |علاج بعض الأمراض| واستخدام بعض |المواد الكيميائية|، واكتشف الكثير من المعارف الهندسية المتعلقة بفن البناء والعمران، كما تمكّن من رفع رأسه نحو السماء ليراقب محتوياتها ويصنع تصوّراته الأولى التي تطورت فيما بعد لتصبح ما يعرف بعلم الفلك، كذلك بدأ برصد الظواهر الطبيعية كالرعد والبرق و العواصف والفيضانات وغيرها فأشعرته بضعفه ودفعته نحو التفكير بوجوده وهدفه من الحياة وبحقيقة الكون والوجود وكيفية نشأته، فبدأت أفكاره تأخذه نحو تفسيراتٍ غيبيةٍ مليئةٍ بالأساطير والخرافات، وسرعان ما تطوّرت تلك التصوّرات مع وجود من حاول استغلالها والبناء عليها لكي تضمن وصوله إلى السلطة والحفاظ عليها فنشأت أولى أشكال الديانات بهالتها المقدسة وأجوبتها البسيطة غير القابلة للانتقاد والتي صوّرت الملك كوريثٍ وخليفةٍ للآلهة يحكم باسمها وينفّذ إرادتها مع مجموعةٍ من الكهنة يدعمنه ويثبّتون حكمه، ثم تطوّرت بعض الديانات لتسمح للملك بأن يصبح الإله بنفسه،أو ابناً للإله أو شكلاً من أشكال تجلياته، أما الإنسان العادي البسيط فلم يجد أمامه ملجأً من كل الغموض و الجهل الذي يحيط به إلّا في أحضان الإيمان الأعمى بتلك الأساطير والخرافات التي سيطرت على تفكيره وقّيدت طموحاته رغم كلِّ المعارف التي اكتسبها.
وبقي حال الإنسان على ما هو عليه لأكثر من ألفي عام، حتى حدثت النقلة النوعية الثانية في |تاريخ البشرية| وهي ظهور الفلسفة.
الثورة الأولى:
ظهرت أولى ملامح انعتاق البشرية من سيطرة الخرافة والجهل على حياتها عندما أعمل بعض البشر المستنيرين عقولهم في القرن السادس قبل الميلاد في بلاد الإغريق فحاولوا وضع بعض التصوّرات والتفسيرات العقلانية المبنية على التجربة والملاحظة بدل التفسيرات الغيبية لمظاهر الطبيعة، ما دفع إلى تسميتهم فيما بعد بفلاسفة الطبيعة، ولا ننسى بأن كلمة فلسفة في اللغة الإغريقية تعني حب الحكمة أو حب المعرفة.
سرعان ما وجدت أفكار أولئك الفلاسفة طريقها إلى أذهان البشر فانتشرت ثورتهم كانتشار النار في الهشيم، فكثرت القصص والأشعار التي تسخر من التفسيرات الأسطورية القديمة بعد أن كانت تمجدّها، فتجسّدت أولى المظاهر العلمية في فكرة الذرّة التي قال بها |ديموقريطس| والتي فسّرت حقيقة المادة وكانت قريبةً جداً من الواقع، وكذلك في ظهور قواعد علم المنطق وأسس |علم الأحياء| على يدي أرسطو، وظهور معادلات |فيثاغورس| وقوانين |أرخميدس|، وغيرها الكثير من الإنجازات العلمية غير المسبوقة التي جعلت فلاسفة اليونان يضعون الأحجار الأولى في بناء الإنسان الجديد ويمهّدون لتأسيس الثورة العلمية الأولى.
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك