أَبُو مَعْرُوف صانِع المَعروف
أَبُو مَعْرُوف صانِع المَعروف تصميم الصورة : ندى حمصي |
أَبُوُ مَعرُوُفُ رَجُلٌ بَسِيِطٌ طَيِّبُ القَلْبِ ، جَاوَزَ العِقْدَ الرَّابِعَ بِقَليِل
نَحِيلٌ طَويِلُ القَامَةِ يَضَعُ عَلىٰ رأسِهِ قُبَّعةً مِلوَّنةً، ثِيَابَهُ رَثَّةٌ قَدِيِمَةٌ ،لَكِنَّها دَائِمَاً نَظِيفَةً وَمُرتَّبةً تَعلُو َوَجْهَهُ ابْتِسَامَةٌ حَزِينةً لاَ تُفَارِقُهُ .
َيَتَجًَوَلُ فِي الحَيِّ أَغْلَبَ النَّهَارِ وَهُوَ يَجُرُّ عَرَبتَهُ البَسيِطةَ التّي يَبِِيعُ عَليْهَا السَّكاكِرَ وَالحَلْوَىٰ
وَكَانَ إِذَا صَادَفَ طِفْلاً فِي الطَّرِيِقِ أَعطَاهُ الحَلْوَىٰ. َوَإِذَا صَادَفَ عَجُوزاًَ سَاعَدَهَا وَأَمسَك بِيَدِهَا لِيَحمِيهَا مِنَ التَعَثَّرَ وَأَعطَاهَا الحَلْوَىٰ ، وَإِذا رَأَىٰ امرَأَةً َتحمِلُ أغْرَاضَاً حَمَلَ أَغْرَاضَهَا ، ثُمّ أَعطَاهَا الحَلْوَىٰ .
َ وَمًعَ ذَلِكَ كَانُوا جَمِيَعَاً لَايُقِيِمُونَ لَهُ وَزْنَاً ، وَلَا َيَشْعُروُنَ بِأَنَّ لَهُ أَهَمِيَّةً .
مَرِضَ أَبوُ مَعرُوُف مَرَضَاً شَدِيِدَاً .
فََلزِمَ الفِرَاشَ أُسْبُوعَاً كَامِلَاً ، وَلَمْ يَعُد يَخْرُجُ ِإلَىٰ الحَيِّ .
لَقَد عَاشَ المِسْكِينُ وَحِيِدَاً لَا يَزُورُهُ أَحَدٌ ، وَحَتَّىٰ َلَمَّا مَرِضَ َبقِيَ وَحِيِدَاً .
وَلَكِنْ بِغِيَابِهِ اكْتَشَفَ النَّاسُ أَنَّهُ مُهِمٌّ فِي حَيَاتِهِمْ . َذَلِكَ الرَّجُلُ الطَيِّبُ لَمْ يَعُدْ صَوْتُهُ يَشْدُو فِي الحَيِّ وَهُوَ يُنَادِي لِبيعِ الحَلوَىٰ َوَلَمْ يَعْدْ يُوَزِّعُ السَّكَاكِرَ.
كُلُّ َأهْلِ الحَيِّ افْتَقَدُوُهُ
وَأَدَرَكُوُا أَنَّهُ كَانَ يُسْعِدُهُمْ وَيُؤْنِسُهُمْ بِصَوْتِهِ الَّذِي كَانَ يَشْدُو وَيُنَادِي وَهُوَ يَجُرُّ عَربَتَهُ الصَّغِيرةَ البَسيِطَةَ الَّتِي كَانَ يَتَجَوَّلِ بِهَا طِيلَةَ النَّهارِ وَيَبْعَثُ الفَرَحَ فِي نُفُوسِ المَارَّةِ
و اكْتَشَفُوا بِأَنَّ قِنْدِيِلَهُ القَدِيِمَ الصَدِئ، قَد أَضَاءَ لَهُمْ العَتْمَةَ وَوَقَاهُمُ العثَرَاتِ فِي الظَّلَامِ حِيِنَ حَدَثَ عُطْلٌ فِي كَهْرُبَاءِ الحَيِّ .
َتَذَكَّرُوا يَوْمَ هَدَمَ السَّيْلُ جِدَارَ أَحَدِ المَبَانِي ، كَيْفَ كَانَ يَحْمِلُ الأَحجَارَ الثَّقِيِلَةِ ، وَيَرفَعُهَا لِيفَتْحَ الطَّرِيقَ أَمَامَ الطُّلاَّبِ وَالنَّاسِ .
وكَيْفَ كان يُسَاعِدُ المَارَّةَ فِي العُبُورِ حِِيِنَ فَاضَ النَّهرُ.
تذَكَّرَتِ النَّسَاءُ كَيْفَ كَانَ يُسَاعِدُهُنَّ فِي حَملِ الأغرَاضِ .
وَكَيْفَ كَانَ كَالعُكَّازِ لِكِبَارِ السِّنِ يَسْتَنِدُوُنَ إِلَيْهِ .
وَالَأطْفَالُ افْتَقَدُوا قِطَعَ الحَلْوَىٰ وَالسَّكَاكِرَ
لَيْسَ أََهْلُ الحَيِّ وحدَهُمّ مَنِ افتَقدَهُ بَلِ الطُّيُورُ أيضَاً افتقَدَتْ حبَّاتِ القُنْبُزِ .
وَكَذَلِكَ القِطَطُ افتَقَدتْهُ ، ولَمْ تَعُد تَجِدُ الطَّعَامَ َو المَاءَ .
َهَذَا الرَّجُلُ البَسيِطُ كَانَ يَمْلِكُ قَلْبَاً كَبِيِرَاً ، وَيَتَمَيَّزُ بِأخْلَاقٍ كَريِمَةٍ
كانُوُا يَستَغْرِبُونَ بَعضَ تَصُرُّفَاتِهِ ، لا سِيَّمَا حِيِنَ كَانَ يَلْتَقِطُ بَقَايَا الخُِبْزِ اليَابِسِ الَّذِي يَجِدُهُ في زَوَايَا الطُّرُقَاتِ وَالحَداَئِقِ ، وَلَمْ يكُونُوا يَعلَمُونَ أَنَّهُ كَانَ يطحَنَهُ وَيَجْعَلَهُ ُفتَاتَاً لِيُطعِمَ الطُّيُورَ .
اجْتَمَعَ كِبَارُ أَهْلِ الحَيِّ ،
وَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِهِ ، لَقَد شَعَرُوا بتِقْصِيرِهِمْ نَحوَهُ وَبِأَنَّهُمْ ظَلمُوهُ ،فَهُمْ لَمْ يَسْألُوهُ يَوْمَاً عَنْ ظُرُوفِ حَيَاتِهِ ، وَلَمْ يَعرِفُوا لِمَاذَا َيَعِيشُ وَحِيدَاً دُونَ عَائلَِةٍ ، وَهُوَ لَمْ يَشكُو لَهُمْ همَّاً وَلا أَبْدَىٰ ضِيقَاً منِْ سَخْرِيَّتِهِمْ ، وَلاَ عَاتَبَهُمْ ، وَلا تَذَمَّرَ مِنْ التِقَاطِ أَشْيَاءَ تُعِيقُ دُرُوبَهُمْ فِي الطَّرِيقِ . قَد أَتَاهُمْ وَافِدَاً وَحِيدَاً مُنذُ ثَلاثَةِ أَعوَامٍ
، وَقَبَعَ فِي غِرفَةٍ مُنزَوِيَةٍ رطبة تَحتَ دَرجِ أَحَدِ المَبَانِي .
لَمْ ُيقَدِّمِوا لَهُ يَومَاً طَعَامَاً ولا شَرَابَاً، وَلَمْ يَسْألُوهُ َكَيفَ يَتَدَبَّرُ أُمُورَهُ بمفْرَدِهِ ،
المِسْكِينُ لَابُدَّ أنَّ وَرَاءَ وُ جُودَهُ وَحِيدَاً قِصَّةٌ حَزِيِنَةٌ.
اتْفَقُوُا عَلَىٰ زِيَارَتِهُ وَكَانَتْ هَذِهِ أَوَّلُ زِِيَارَةٍ مِنّ أَهْلِ الحَيِّ لبِيَْتِ أَبُي مَعرُوُف وَقَرَّرُوا أَنْ يُكَرِّمُوهُ أَيْضَاً حَمَلُوا بَاقَةَ وَردٍ كَبِيِرَةٍ وَكِيسَاً مِنَ الفَاكِهَةِ وَعُلْبَةَ حَلوَىٰ وَأَرفَقُوهَا بِرِسَالَةٍ جَمِيلَةٍ :
كُلُّنَا نُحِبُّكَ يَا أَبُوُ َمعرُوُفْ افتَقَدنَاكَ كَثِيِرَاً وَاشتَقْنَا إليَكَ لَنْ تَكُونَ وَحِيِدَاً بَعدَ اليَوْمِ نَحنُ أَهْلُكَ وَعَائِلَتُكَ ، وَقَد جِئْنَا لنُِعلِمَكَ ِبأنَّنَا قَد قَرَّرنَا أَنْ نُهدِيكَ دُكَّانَاً صَغيِرَاً لِتَرتَاحَ مِنَ التَّجَوُّلِ وَجَرِّ العَربَةِ وَأنْتَ تَبيِعُ الحَلوَىٰ وَقَد أَطْلقْنَا عَلَيهِ اسْمَ دُكَّانِ أََبُو مَعرُوُفْ تَقْدِيرَاً لِجُهُودِكَ وَاعتِرَافَاً بِفَضْلِكَ
بَكَىٰ أَبُوُ مَعرُوفُ وَهُوَ َََيَقْرأَُ الرِّسَالَةَ
وَبَدَا عَلَيْهِ التَّأَثُرُ كَثِيرَاً فَقَالَ َقد أَخَذَتِ الحَربُ عَائِلَتِي ، لَكِنَّ اللّٰهَ أَعَادَهَا إِلَيَّ اليَوْمَ أَكَبرَ َوَأحْلَىٰ .لَقَد أَعَادَهَا إليَّ حَيَّاً بِأكملِهِ
هَلْ أَعَجَبتْكُمُ| القِصَّةَ |أَحبَابِي الصِّغَار ،
وَهَلْ أَعجَبَكُمْ تَكْرِيِمَ أَهْلِ الحَيِّ لأَبُي معرُوُف ؟؟؟
وهَلْ أَدْرَكْتُمْ مِنْ قِصَّةِ أبُو مَعٓرُوُفْ كَيْفَ أَنَّهُ لَايَضِيعُ صَاحِبُ المَعرُوفْ 😉.
أنتظر أن أعرف ماذا تعلمتم من قصّة اليوم في التعليقات بلهفة ..
🤍دمتم برعاية الله أحبائي🤍
👵🏻كانت معكم| جدتكم المُحبَّة هدى الزعبي|
للاسف هكذا نحن لا ننتبه للاشخاص الطيبة الا بعد رحيلها
ردحذف