استكمالاً لما بدأناه في المقال السابق
تأثير اتفاقية بلازا على اليابان:
ما أن نفّذت| اليابان| ما يخصّها من اتفاقية بلازا، حتى تضاعفت قيمة الين الياباني أمام |الدولار الأمريكي|، فزادت الأموال بيد اليابانيين بشكلٍ كبير،
فأخذوا يُبذّخون في صرف مدخراتهم، ويحصلون على الكثير من القروض من البنوك، فبدأ اليابانيون يعيشون حياة الترف والبذخ، كما بدأ الأفراد والشركات اليابانية باستثمار أموالهم، ولم يجدوا أفضل من العقارات والبورصة للاستثمار،
فسيطرت الشركات اليابانية على سوق البورصة في الكثير من الدول،
ولو استمرت اليابان في وتيرة صعودها المتنامي لكانت اليوم القوة المسيطرة على العالم.
بدء الانهيار الياباني:
مع بدايات التسعينيات، وبعد انهيار| الاتحاد السوفيتي|، قررت| الولايات المتحدة| بأن الوقت قد حان لإعادة المارد الياباني إلى القمقم،
فعندما أدركت الحكومة اليابانية حقيقة الموقف الذي وصلت إليه، بدأت باتخاذ بعض الإجراءات للسيطرة على الوضع،
فالصادرات اليابانية بدأت تنكمش، والين الياباني أصبح أقوى مما ينبغي، والفائض المالي أصبح كبيراً،
فبدأ البنك المركزي الياباني برفع سعر الفائدة، وراح يتشدد في إجراءات منح القروض، ولكن ذلك لم يكن كافياً لأن الأوان على تلك الإجراءات قد فات.
كيف انهارت المعجزة اليابانية؟
بعد أن أقبل اليابانيون على الاستثمار في العقارات وأسهم البورصة ذات الأسعار العالية جداً، كانت تلك الاستثمارات هي الضمانات التي حصلت عليها البنوك اليابانية لمنح القروض،
وعندما ارتفع سعر صرف الين الياباني أمام الدولار، واتخاذ البنك المركزي الياباني اجراءاته،
بدأت أسعار العقارات والأسهم بالانهيار فجأةً،
فوقفت البنوك عاجزةً عن استرداد أموالها، وأصاب الهلع الشعب الياباني، وتعرض الاقتصاد الياباني لهزةٍ كبيرةٍ ساهمت في تحجيمه بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الفساد الذي تسرّب إلى البنوك والشركات اليابانية آنذاك.
محاولة النهوض الياباني مجدداً:
لم تقف اليابان مكتوفة الأيدي أمام الانهيار الاقتصادي الذي واجهها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبذلت جهوداً جبارةً لاستعادة وضعها الاقتصادي،
ولكنها كلما حققت بعض التقدم كانت تتعرض لأزمةٍ جديدة،
ففي سنة 1997مثلاً، حصلت الأزمة الآسيوية، وفي عام 1999 حصلت أزمة |الانترنت|،
وفي عام 2008 حدثت أزمة مالية عالمية،
وفي 2011 كانت أزمة مفاعل فوكوشيما |النووي|،
وفي 2020 بدأت أزمة| كورونا|، وكأن الوقت لم يحن بعد لعودة اليابان إلى ما كانت عليه قبل ثلاثين سنة.
وفي النهاية يبقى السؤال الأخير:
هل ستفعل الولايات المتحدة مع الصين نفس ما فعلته مع اليابان لكبح جماحها؟ أم أن الوقت قد حان لتغيير موازين القوى العالمية؟ وهل الصين هو الحجر العثرة الوحيد حالياً في وجه الهيمنة والغطرسة الأمريكية؟ أم هناك غيرها من القوى الاقتصادية الصاعدة؟
شاركنا برأيك إن كنت مهتماً.
بقلم سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك