سنتحرر معاً من قيدٍ جاهلي
سنتحرر معاً من قيدٍ جاهلي تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
منذ أن كنا صغاراً ..
عائلتنا تعلّمنا بطرقٍ غير مباشرة أن ننشغل بآراء الناس و كلامهم عنا ، فمثلاً ..
واجبٌ علينا أن نصبح في المستقبل دكتور أو مهندس ، لأنَّ هاتان المهنتان من أسمى و أرقى و أعلى طبقات المجتمع ، و هذا المجتمع .. سيحترم هذا الإنسان .. بعيداً عن مكارم أخلاقه و أعماله و وعيه .
يكون الطفل في حالة تنافسيّة دائمة ، و ذلك ليفوز بالمرتبة الأولى بين زملائه في المدرسة ، حُفر بداخل وعيه ، التعليم الأكاديمي قبل أي شيء ..
فلا أحد اهتمَّ بتنمية قدراته و مواهبه ، أو بإشعال النور في أعماقه تجاه شيء معين ..
لا أحد قال له " هذه ذاتك الحقيقية ، هذه حياتك ، عليك بمصداقتها " ..
هذا الطفل هو أنا ، أنت .. نحن جميعاً ..
ترعرعنا فقط على الاهتمام بالناس ، و ابتغاء رضاهم ، و ذاتنا آخر أولوياتنا ..
نخاف منهم أكثر من خوفنا من سؤال " هل نحن قادرين على فعلها ؟! "
رمينا لأجلهم روحنا الحقيقية داخل سجنٍ مظلم ، و جعلناهم يبتلعون مفتاح النجاة ، و حين أطلقوا الحكم علينا ..
قرروا إعدامنا ، و العيش مع روحهم المزيفة القابعة في أخلاجنا الخاضعة ..
(( ذاتي الحقيقية ..
كينونتي الجوهريّة ..
هويتي الساحريّة ..
روحي الفطريّة .. ))
كلها أهملناها لدرجة أننا غير معترفين بوجودها ، هذا إن لم نكن قد قرضناها من ذاكرتنا .. فقط.. لأجل الناس ..
و من هذا المنطلق ، يبدأ الصراع ، بيننا و بينهم ، و نبقى على تواصل قوي مع مشاعر القلق و عدم الرضى و الخوف من كل تصرف ..
دائماً .. الناس .. الناس .. الناس ..
حسناً .. و فيما بعد ؟!
إلى متى سيبقى هذا المصطلح يقيّد بل يشل حركة حياتنا و حاضرنا و مستقبلنا ؟!
في الحقيقة نحن نعي أنَّ الحل الوحيد لكل هذه السلبية و الركود و الخضوع هو تحرير ذاتنا من ذلك السجن المعتم ..
لكننا غير قادرين على تطبيق هذا القرار المصيري ، كلما نقترب من الزنزانة السوداء .. نتراجع بعد وصول صدى أصوات العالم الخارجي ..
صعب جداً أن نعترف بأخطائنا ، نرمي اللوم على من حولنا ، بغض النظر لوجود مفتاح .. لا يحمله أحد .. سوانا ..
إلا أننا نبعد المسؤولية عنا ، و نعود لدوامة الخضوع ..
لكن دعنا نقل لك سراً ..
أنت فعلياً لو قررت فتح الباب ، و بدأت بقراءة أفكارك ، معتقداتك ، مشاعرك ، أحلامك .. و كل ما يتعلق بذاتك المجهولة ..
هنا تماماً .. ستبدأ ولادتك الروحية الحقيقية ..
ستنصدم في البداية ..
ستنصدم لكثرة التفاصيل و التي تعتبر صغيرة و بديهية ، إلا أنك تجهل ترتيب حروفها الكونيّة ..
لكن في نهاية المطاف ، ستهدأ ، ستأخذ نفساً عميقاً ، و تحاورها .. تسامحها ، تعلّما كما تريد أنت .. أنت فقط ..
ستستمع إليها .. و تنصت باهتمام مفرط ..
رويداً رويداً ..
سيصبح تواصلك معها أسهل ، أعمق ، أنقى ..
هكذا .. حتى تصل إلى نقطة القبول الروحي .. مرحلة السلام الداخلي ..
و يجب التنويه هنا ، القبول لا يعني الموافقة على العيوب بل الامتنان لأنها جعلتك مميز ، و من ثمَّ التعامل معها بنضج أكبر ، للتحكّم بها .. لا العكس ..
نتمنى أن يكون المقال قد نال إعجابكم .
شهد بكر ✒️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك