ما إن انهار| الاتحاد السوفيتي| في العقد الأخير من الألفية السابقة، حتى بدأت| الولايات المتحدة الأمريكية| تتنفس الصعداء، فقد تخلصت أخيراً من كابوس الرعب الذي كان يهدد سيطرتها على العالم،
ولكنها لم تفرح بذلك كثيراً، حتى وجدت أمامها خطراً جديداً يتهددها، متمثلاً بصعود |اليابان| كقوةٍ علميةٍ واقتصاديةٍ قادرةٍ على هزِّ عرش الأمريكيين وإنهاء سطوتهم وهيمنتهم على العالم،
فما الذي فعلته أمريكا لدرء ذلك الخطر؟
وكيف أوقفت حالة العملقة في الاقتصاد الياباني وجعلته يقف حيث هو؟
تابعوا معنا لمعرفة التفاصيل.
اليابان بعد الحرب العالمية الثانية:
دخلت اليابان| الحرب العالمية الثانية| إلى جانب حليفتها |ألمانيا|،
ولكنها خرجت منها مهزومةً منكسرة، تكاد لا تملك شيئاً من الثروات،
ولكن الهزيمة بالنسبة لليابانيين لم تكن إلا درساً عليهم الاستفادة منه، فسرعان ما نفضت اليابان عنها غبار الحرب، وبقايا التلوث الاشعاعي الناجم عن إسقاط قنبلتين نوويتين عليها، وبدأت تنهض من جديد،
فبنت نظاماً رأسمالياً متميزاً يناسبها وحدها. فما الذي فعلته اليابان للنهوض مجدداً؟
سياسة اقتصادية ناجحة:
لكي تضمن اليابان وقوف جميع اليابانيين صفاً واحداً خلف حكومتهم العازمة على إعادة بناء الاقتصاد الياباني، أجرت الحكومة اتفاقاتٍ وتحالفاتٍ مع كبرى الشركات اليابانية مثل سوني وباناسونيك وتويوتا وغيرها،
فقدّمت لتلك الشركات الدعم الكامل، بمقابل غرضٍ واحد فقط، هو التصنيع والتصدير،
وكان كلُّ المطلوب من تلك الشركات هو تقديم أفضل المنتجات على مستوى العالم، وبأرخص الأسعار،
وذلك ما جعل اليابان خلال عشر سنواتٍ فقط، تستعيد مستويات الإنتاج التي بلغتها قبل الحرب العالمية الثانية،
ولم تكد تمضي العشرون سنةً التالية، حتى أصبحت اليابان في موقعٍ مختلفٍ تماماً،
الأرقام تتحدث:
في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، كان أكبر ثمانية شركاتٍ على المستوى العالمي شركاتٍ يابانية، وأكبر خمسة بنوكٍ عالميةٍ، كانت بنوكاً يابانية،
وأكبر مانحٍ للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم كانت هي اليابان،
وثاني أكبر مساهم في| الأمم المتحدة| بعد الولايات المتحدة الأمريكية، كان اليابان،
وكل ذلك وغيره الكثير، دفع صاحب شركة سوني اليابانية العملاقة، إلى الإعلان على الملأ بأن اليابان أصبحت قادرةً على تغيير موازين القوى العالمية، وينبغي لها عدم التردد في استخدام تلك القدرة، لأن الوقت لذلك قد حان،
فهل حدث ذلك فعلاً؟
ردود أفعالٍ أمريكيةٍ على العملاق الجديد:
لم تكن المكانة الاقتصادية التي بلغتها اليابان لترضي أسياد العالم آنذاك، فبدأت| الكتب| والمقالات المندّدة باليابان واليابانيين، تنتشر في كل مكانٍ من أنحاء العالم، للتحذير من خطر العملاق الآسيوي الجديد، والطغاة الجدد،
وبدأت| أفلام السينما| تتحول من العدو السوفيتي السابق إلى العدو الياباني الجديد،
فكثرت الأفلام عن رجال الأعمال اليابانيين الأشرار والمتعطشين للثروة والدماء والسلطة، عديمي الرحمة وعديمي الإنسانية، بحسب تصوير تلك الأفلام الغربية لهم،
وكثرت التحاليل السياسية والاقتصادية التي تشوّه صورة اليابان وتحذّر منها، ومن المشاكل والتداعيات التي قد تصيب العالم بسببها.
بقم سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك