كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟ تصميم الصورة رزان الحموي |
استكمالاً لمقالنا كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم
مكافحة الأفيون وتداعياتها:
تولّى أحد الموظفين الأشداء مهمة التصدي لتجارة |الأفيون|،
فأرسل رسالةً إلى الملكة فيكتوريا (ملكة بريطانيا آنذاك)، يناشد فيها مسؤوليتها الأخلاقية عن تجارة الأفيون في| الصين|،
ولكن الملكة لم تحرّك ساكناً، فتوجّه ذلك الموظف إلى تجّار الأفيون وجمعهم واعتقلهم، ثم أحرق كل الأفيون الذي عثر عليه، وسجن |المدمنين| إلى أن تم علاجهم،
ولكن بريطانيا لم يعجبها ذلك، فقرّرت الانتقام من الصين،
خاصةً وأن تلك الإجراءات الصينية، جعلتها تخسر أكثر من عشرة ملايين دولارٍ.
حرب الأفيون:
بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدّتها |بريطانيا |بسبب حملة| الصين |على تجارة الأفيون، وبعد استنفاذ كل المحاولات للضغط على الحكومة الصينية، أعدّت بريطانيا العدة وأطلقت حرباً طاحنةً ضد الصين،
عُرفت بحرب الأفيون،
أدّت في نهايتها إلى انهيار الإمبراطورية الاقتصادية الصينية، وفرض تجارة الأفيون عليها رغماً عنها.
أسباب خسارة الصين في حرب الأفيون:
لم تهتم الصين كثيراً بالإنجازات العلمية والتكنولوجيا التي وصل إليها الغرب،
فقد كانت منغلقةً على نفسها، وكان اقتصادها يعتمد على| الزراعة| بشكلٍ رئيسٍ مع بعض الصناعات والتجارات القائمة على الزراعة أصلاً،
وقد تنبّه لهذا الخطأ القاتل أحد حكماء الصين،
فكتب في عام 1826 عن ضرورة الانفتاح على الغرب واستحضار علومه وانجازاته التقنية، مع الاحتفاظ بالهوية والثقافة الصينية،
وضرورة إقامة السلام مع الغرب إلى حين امتلاك تقنياته واسلحته،
ولكن السلطات الصينية لم تلتفت إلى تحذيراته واقتراحاته فدفعت الثمن غالياً.
السبب الخفي وراء العداء الأمريكي الصيني:
ما حدث في الصين في سنة 1830، كان قابلاً للتكرار في سنة 1970،
بعد أن أصبحت| الولايات المتحدة| الوريث الوحيد للسيطرة البريطانية على العالم،
ولكن الصين على ما يبدو قد تعلّمت الدرس جيداً، ففي هذه المرة، انفتحت الصين على الغرب، وأقامت معه الكثير من الاتفاقات والمعاهدات لحفظ أمنها وأمانها،
واستغلّت الوقت الذي كسبته من ذلك، لنقل العلوم والتكنولوجيا الغربية إلى أراضيها، ولم تكتفِ بذلك فقط،
بل طورّت عليها حتى أصبحت قوة تكنولوجيةً لا يستهان بها.
أسباب تأخر الصين في النهوض:
منذ عام 1870، بدأت الصين تحاول العودة إلى الساحة الاقتصادية العالمية، فالتفتت إلى العلوم والتقنيات الجديدة،
ولكن ضعف المؤسسات وتفككها، والوضع السياسي للصين، والفقر الحاصل منذ حرب الأفيون، جعلت نهضة الصين تتأخر مئة سنةٍ حتى عام 1970، حين وصل "مينج شياو بينج" إلى السلطة.
مما سبق يمكن لنا فهم الأسباب التي تدفع الصين إلى الاستحواذ على مختلف وسائل التكنولوجيا،
والأسباب التي تجعل| أمريكا| تقاتل بشدة لتأخير الصين وتعطيلها عن الاستفراد بالتقنيات الحديثة مثل شبكات الجيل الخامس،
لأن تلك التقنيات هي التي ستحدد هوية المسيطر القادم على |التكنولوجيا|،
ومن يسيطر عليها سيسيطر على العالم.
شارك المقال لتسود المعرفة.
بقلمي سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك