هل تؤثر اللغة على الإدراك؟
اللغة وفهمها وتأثيرها
تخيل معي شخصاً لم يبلغ الثلاثين من عمره ، حباله الصوتية سليمة ، قدراته العقلية سليمة ، حنجرته سليمة ولسانه سليم ، ولكنه تدريجياً
فقد قدرته على الكلام .
و منذ فقدانه النطق إلى لحظة وفاته لم يستطع سوى نطق كلمة tan tan ، نحن لا نتحدث عن شخص خيالي إنما واحد من أشهر
المرضى في مجال المخ والأعصاب و يدعى Monsieur leborgne .
والذي من خلال تشريح جثته اكتشف منشأ الكلام .
بعد وفاة المريض تم تشريح جثته و إيجاد تلف في المنطقة اليسرى من المخ ، وهنا أدرك الأطباء العلاقة بين اللغة و|الدماغ| .
فبدأت الدراسات لاكتشاف هذه العلاقة و فهم كيفية| إنتاج اللغة| من قبل الدماغ واستخدامها .
هل اللغة تؤثر على الإدراك أم أن الإدراك من يشكل اللغة ؟
ظهرت نظرية فلسفية في بداية القرن العشرين تقول بأن اللغة تؤثر على سلوك الأفراد وأنها متدرجة في الرقي ، وكلما تدنى رقي| اللغة|
كلما كان استيعاب الفرد أقل .
فطالب البعض بالقضاء على لغة السكان الأصليين لأمريكا تحت ذريعة أنها المسبب لهمجيتهم على حد تعبيرهم ودعوا إلى تعليمهم اللغة
الإنكليزية كونها " أكثر رقياً " .
وانتقدت تلك النظرية بشدة .
وتوالت الدراسات فأجريت تجربة على قبيلة قرب نهر الأمازون تبين أنهم يستعملون نظاماً في| الأرقام| يبدأ ب واحد و اثنان و الكثير
وكلمة كثير هنا تعني 3 أو 50 او 1000 لا فرق بينهم و إلى حد ما هذا كان يكفي طبيعة نظامهم في العيش .
ولكن هل هم ليسوا بحاجة لنظام الأرقام وتسميتها أم لا يدركون معناها ؟
تم وضع 15 عينة من مادة معينة وطلب منهم جميع الكمية نفسها من هذه العينة والأمر الصادم أن لا أحد استطاع حتى الاقتراب من
جمع نفس العدد لأنهم لا يدركون معنى 15 أو 20 وكلما زادت العينة كلما كانت المهمة أصعب بالنسبة لهم .
والنتيجة كانت أنه لا يمكننا استيعاب ما لا نملك مصطلحاً عنه .
هل اللغة تحدد الفرق في القدرات و تؤثر عليها في فهمنا لشتى الأمور ؟
دراسة أخرى أجابت عن هذه المسألة
حيث أجريت تجربة على عدد من الأطفال لتحديد العلاقة بين لغته وقدرته على التفريق بين الجنسين ذكر وأنثى .
شملت الدراسة أطفال بلغات ذات تمييز عالٍ بين الذكر والأنثى كالعبرية ، وأخرة بتمييز متوسط كالإنكليزية و أخرى لا تملك تمييز
كالفرنندية .
وجد أن الأطفال الذين يتكلمون الفرنندية يتحدثون بنفس الكلمات للذكر والأنثى دون تمييز وبوصف واحد حيث أن تمييزه للجنسين يحتاج
إلى عام إضافي زائد عن الطفل الذي يتحدث| العبرية| .
والسبب في هذا أن لغتهم لم تساعدهم على استيعاب الموضوع
إذاً قد يقول أحد ما جنين وقد يقول الآخر طفل غير مولود وقد يقوم شخص ما موت رحيم وقد يسميه آخر قتلاً
الخلاصة أن :
اللغة هي الأداة التي تعبر عن عالمك وتشرحه لك
فقد تجد في لغتك وصفاً لشجرة جميلة ولا تجده في لغة اخرى فتفهم أنت
مدى جمال الشجرة ولا يفهمه الآخر .
ختاماً : حاول تعلم| لغات أخرى| لتوسيع آفاقك و إدراك وجهات نظر متحدثيها.
إلى هنا نصل لختام مقالنا ودمتم بخير .
بقلمي شهد عنجريني
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك