حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون)
(الجزء الأول)
حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون) - الجزء الأول تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون)
أخذ الفينيقيون اسمهم من كلمة فينيقيا اليونانية، ومعناها البلد الأرجواني، وقد اكتسبوا هذه التسمية من أقمشتهم المصبوغة باللون الأرجواني، وقد استخدمت التسمية لاحقاً للإشارة إلى المدن الساحلية الكنعانية، وكانت الحضارة الفينيقية قد نشأت حوالي عام 2500 ق.م، وتكوّنت من مدنٍ متفرقة، أشهرها صور وصيدا وجبيل وأرواد، وبسطت الدولة سيطرتها على معظم سواحل بلاد الشام، من أرواد شمالاً إلى عسقلان جنوباً، كما بنى الفينيقيون بعض المستعمرات البعيدة مثل قرطاج الشهيرة، ووصلت تجارتهم إلى جميع شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وتعتبر الأبجدية الفينيقية المكتشفة في مدينة أوغاريت السورية، أقدم أبجدية معروفة.
أصول الفينيقيين:
يُعتبر الفينيقيون جزءاً من الكنعانيين، ومن المعتقد أنهم هاجروا إلى بلاد الشام من دلمون (البحرين حالياً)، أما ابن الطبري فيرى بأن أصل الفينيقيين من العرب البائدة، ويرجعون بنسبهم إلى العمالقة، وقد انقسم الكنعانيون في بلاد الشام إلى أقسام: فالفينيقيون استوطنوا المدن الساحلية، أما الأموريون فسكنوا في سوريا الداخلية، وصولاً إلى جبال لبنان وفلسطين، وسكن المؤابيون شرقي البحر الميّت، أما العبرانيون فقد سكنوا وسط وجنوب فلسطين، في حين سكن العمونيون شرقي نهر الأردن.
أبجدية رأس شمرا:
تتكون |الأبجدية الفينيقية| المكتشفة في |أوغاريت| (رأس شمرا) من اثنين وعشرين حرفاً، وجميعها ساكنة، ومن المرجّح أنها مصدر جميع الأبجديات الحالية في العالم، وقد نقلها الفينيقيون من خلال تجارتهم الواسعة، ثم طوّرها الإغريق وساهموا في نشرها بعد أن كوّنوا منها حروفاً متحرّكة، والدليل على ذلك هو التشابه الكبير بين هذه الأبجدية وجميع أبجديات العالم، أما الشعوب التي لم تكن على صلةٍ بالفينيقيين، فهي لم تعرف الأبجدية حتى الآن، مثل شعوب شرق آسيا التي لازالت تستخدم الكتابة المقطعية التصويرية.
عصر القوة:
بلغت |الحضارة الفينيقية| أوج اتساعها وذروة ازدهارها في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، فشملت سيطرتهم الساحل السوري، واستوطنوا السواحل الشرقية لقبرص الغنية بالنحاس والحبوب والزيتون، كما استقروا في جزيرة كريت، ووصلت تجارتهم إلى شواطئ البحر الأسود حتى أرمينيا، وقد ساعدهم على ذلك ضعف سطوة الإيجيّين وانحسار سيطرتهم على سواحل البحر الأبيض المتوسّط في أواخر الألفية الثانية قبل الميلاد، ما مكّن الفينيقيين من التوسّع بتجارتهم البحرية، فوصلت سفنهم ومستعمراتهم إلى مختلف ضفاف المتوسط. ولكن توسّعهم جنوباً أوقفه وجود المصريين.
صراعات خارجية مختلفة:
لمّا ظهرت حضارة الإغريق واشتدَّ عودها، نقل الفينيقيون مناطق تجارتهم إلى الجزء الغربي من المتوسط، فاستقرّوا في مالطة وتونس وصقلية، ثم انطلقوا إلى جزيرة سردينيا، واسبانيا، وبنوا فيه بعض المستعمرات. ولم تكن قرطاج هي أولى المستعمرات الفينيقية في شمال إفريقيا، بل سبقتها يوتيقا وبنزرت، ولكن قرطاج بُنيت في القرن التاسع قبل الميلاد لتشكّل حلقة وصلٍ بين مدينة صور والمدن الأخرى في شمال إفريقيا، وبعد سقوط صور، أصبحت قرطاج عاصمة الفينيقيين.
اقرأ المزيد...
سليمان أبو طافش🔭
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك