قوم عاد، والمدينة الضائعة إرم ذات العماد - الجزء الثالث
قوم عاد، والمدينة الضائعة إرم ذات العماد - الجزء الثالث تصميم الصورة: وفاء مؤذن |
قوم شداد و الريح العاتية:
تحدثنا في مقالنا السابق عن قوم شداد وكيف كان نبي الله |هود| يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد ، لكن عندما سمع ملكهم شداد بالجنة التي يوعد هود كل من أمن به قرر أن يبني مدينة تشابه الجنة التي يتحدث عنها نبي الله هود ، وبالفعل عندما بني المدينة ، أرسل الله الوحي على هود أن يخرج وهو ومن معه خارج المدينة لكي لا يصيبهن من العذاب شيء ،فقبل دخول شداد وقومه إلى المدينة ، بدأت بوادر العذاب، أرسل الله ريحا قوية ،حاول القوم الاحتماء منها بحفر عميقة وملاجئ ، كانت قد نحتوها تحت الأرض إلا أن الرياح بلغت من القوة أن اقتلعت الحفر بمن فيها ، فكان المرء منهم مع كل ضخامته تتقاذفه الرياح من جهة إلى أخرى كريشة طائر ، وبلغت قوة الرياح وشدتها أنها قطعت رؤوس القوم وأيديهم بحسب الروايات والتفاسير المختلفة، وبالطبع هذه الريح اقتلعت البيوت والقصور المشيدة وهدمت المصانع والمباني الشاهقة وبحسب بعض التفاسير فأن هذه الريان كانت جافة ومن جفافها كانت رياح محرقة أتت على كل مظاهر الحياة في كل مدن |قوم عاد| فجعلتها رميم ، استمرت الرياح الغير طبيعية ٧ ليالي و٨ أيام ، ليقف هبوب الرياح وتختفي إرم ذات العماد تحت الرمال الكثيفة دون أثر يبقى ، أما قوم عاد الجبارين فقد اضحوا قوم مقطعين الرؤوس والأطراف بعد أن تقاذفتهم الرياح كأجزاع نخل خاوية ، ونجى الله هود ومن أمن معه من العذاب الأليم ، هذه المدينة وقصتها ذكرت في أكثر من موضع في القرآن الكريم ، فنجد لها ذكراً في سورة الأحقاف والحاقة والشعراء وهود والأعراف والفجر وبالطبع تناولتها الأحاديث النبوية في سير الأمم الغابرة
التشكيك بصحة القصة:
ولكن بالرغم من هذا بقي الكثير من المشككين بصحة هذه القصة ، بل وصل بهم الأمر الى أعتبار مدينة إرم مدينة أسطورية من نزج الخيال ،حتى ظهور أعظم الاكتشافات ، ففي بداية عام ١٩٩٠ أعلم عالم الآثار ( نيكلوس كلاب ) أكتشاف المدينة الأسطورية وكلاب هذا بحسب قوله ، أستلم المدينة الضائعة من كتاب لكاتب يدعى بيتر توماس بعنوان أريبيا فيلكس بتحدث عن بقعة معينة ، أطلق عليها البدو أسم عبار ، رأى فيها الكاتب أثار شديدة القدم ، وبالطبع أكمل العالم البحث عن هذه المدينة ، لتبدأ عمليات البحث وإزالة الرمال ، عما أطلق عليها فيما بعد أسطورة الرمال (عبار).
الاكتشاف الغريب
انتشرت أحداث هذا الاكتشاف ، فجد وصفاً لهذه المدينة وأحدى قلاعها في مقال نشر في صحيفة التايم الأمريكية ، حيث يقول المقال أن القلعة المكتشفة هي ثمانية الأضلاع ، سميكة الجدران ، ذي أبراج في زواياها ، مبنية على أعمدة ضخمة ،بارتفاع تسعة أمتار وقطر ثلاثة أمتار ، لتبدأ بعدها التكهنات حول هذه المدينة ، ما إذا كانت هي مدينر إرم ذات العماد أم مدينة أسطورية أخرى ، وكحال المدن الأسطورية القديمة الأخرى ، أختلف المؤرخون على تحديد مكانها الفعلي ، فمن الجيزة إلى الإسكندرية فدمشق مرور بجبل إرام في الأردن وصولاً إلى الموقع الأكثر شيوعا وأقصد هنا عبار في صحراء الربع الخالي ، بالطبع أجتمع رأي العلماء المسلمين على أن هذه المدينة ، بنيت في |الأحقاف| أي مدينة الرمال المطوية ، وهذا على أساس ورود ذكرها في سورة الأحقاف والأحاديث النبوية التي تناولت هذا الموضوع ، ذكر النبي محمد (ص) لأسم الأحقاف فيما يخص هذه المدينة ، الأمر المثير في قصة هذه المدينة أن الاكتشافات الأثرية أثبتت أن هذه المدينة كانت مدينة سابقة لأوانها بعمرانها الهندسي وضخامتها ، والأكثر من هذا أن الدراسات الجغرافية والجيولوجية للمنطقة التي تم اكتشاف الآثار فيها ، وأقصد في الربع الخالي أكدت أن هذه المنطقة كانت تتمتع بأراضي خضراء وأنهار ومياه غزيرة ونشاط سكاني وعمراني زاهر ، إلا أن عاصفة رملية هوجاء غير مسبوقة دفنت هذه المدينة وأهلها دون سابق إندار وقلبت المنطقة إلى صحراء قاحلة ،لتنهي بذلك أسطورة قوم ومدينة شغلت وما زالت تشغل العالم والعلماء .
إذاً أصدقائي هذا ما كان في جعبتنا عن قوم عاد ومدينتهم الجدلية إرم ذات العماد وقصتهم مع النبي الله هود ، قصة تحذرنا أن عاقبة الغرور والتباهي عادة ما تكون وغيمة ، وأن الله حقاً يمهل ولا يهمل ، فمهما علا شأن الجاحد ومهما بلغ من نجاحات لا يغركم وانتظروا يومه.
أصدقائي المتابعين لا تنسوا أن تشاركوا هذا المقال مع أصدقائكم وتشاركونا الرأي في تعليق لنكمل معكم بأغرب القصص التاريخية.
بقلمي حسن فروخ ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك