حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون)
(الجزء الثاني)
حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون) - الجزء الثاني تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
تكلّمنا في المقال السابق عن أصول الفينيقيين وعن أبجدية رأس شمرا .. وسنتابع في هذا المقال .
إنجازات فينيقية غير مسبوقة:
يرى الباحث "وليم سيرفات" بأن الفينيقيين قد وصلوا إلى السواحل الأوروبية الأطلسية أثناء بحثهم عن أسواق جديدةٍ لتجارتهم، ويقول "هيرودوت" بأنهم داروا حول إفريقيا إنطلاقاً من البحر الأحمر وعادوا عبر مضيق جبل طارق، واستمرت رحلتهم ثلاث سنوات، أما "هاينكا زودهوف"، فتعتقد بأن الفينيقيين قد وصلوا إلى سواحل القارّة الأمريكية، وتستدلُّ على ذلك ببعض اللقى الأثرية، مثل تميمةٍ صغيرةٍ للإله "بيس" وجدت في إحدى المقابر في جواتيمالا، ونقش "بارابيا" في البرازيل.
فترة الانحطاط:
غزا الملك الفارسي "كورش" المدن الفينيقية منذ بداية القرن السادس ق.م، ثم انقسمت فينيقيا إلى أربع ممالك هي: صيدا و جبيل وأرواد وصور، فبدأ نجم حضارتها يأفل، واضمحل تأثيرها على العالم، ومع بداية القرن الرابع قبل الميلاد، وصل الاسكندر المقدوني إلى أرواد فاحتلّها، ثم احتلَّ صيدا وصور، فانتهت بذلك فترة السيطرة الفينيقية على الساحل الشرقي للمتوسط، ولكن |الحضارة الفينيقية| بقيت مستمرةً من خلال مستعمرات شمال إفريقيا وبخاصةٍ قرطاج، التي بقيت على حالها حتى دمرها الرومان في عام 146 ق.م.
فترة ما بعد الاسكندر الكبير:
بعد موت |إسكندر المقدوني|، تتابع الحكّام المقدونيون على سوريا، حتى سقطت بيد بطالمة مصر، وفي عام 197 ق.م سقطت سوريا بيد السلوقيين، ثم سيطر عليها الأرمن سنة 82 ق.م، ولكنها أخيراً أصبحت جزءً من الإمبراطورية الرومانية منذ عام 65 ق.م.
التّنظيم السّياسي للدولة الفينيقية:
كان |الفينيقيون| رجال تجارة، ولم يكونوا رجال حرب، ولذلك لم يعمدوا إلى إقامة دولةٍ مركزية، بل كانت مدنهم مستقلةً إدارياً وسياسياً، وكثيراً ما ساد التنافس والتناحر بينها، رغم أنها توحّدت أحياناً ضد خطرٍ خارجي، وكان نظام الحكم ديمقراطياً، فلكل مدينةٍ حكومة خاصّةٌ يترأسها حاكمٌ أو ملكٌ بالوراثة، ولكن حكمه ليس مطلقاً، فهناك مجلسان يشرفان على الحكم، هما مجلس الأشراف، ومجلس الكهنة، وكثيراً ما عقد الفينيقيون المؤتمرات لمناقشة الشؤون الاقتصادية دون التدخل في الشؤون السياسية.
الديانة والمعتقدات الفينيقية:
لم تختلف عقائد الفينيقيين كثيراً عن جيرانهم في بلاد ما بين النهرين، فقد عبدوا قوى الطبيعة ورموزها، كالشّمس والقمر والبحر وغيرها، وقد جعلوا لكل شيءٍ إله، ومن أشهر آلهتهم الإله "بعل"، إله الزراعة والمطر، ولقد آمنوا بالتثليث في وقتٍ ما، ولكن تثليثهم قام على الأب والأم والابن، وفي مرحلةٍ متقدمةٍ من حضارتهم، اعتبر الفينيقيون أن الإله إيل هو سيّد الآلهة، ثم أصبح الإله الأوحد، فربما كانوا من أوائل الموحدين.
المعابد والهياكل الفينيقية:
بنى الفينيقيّون الكثير من المعابد والهياكل تمجيدا لآلهتهم، ولعلَّ معبد "أدونيس - عشتار" في جبيل من أشهرها، وقد تألف المعبد من ثلاثة أقسام هي: القسم الداخلي والمعبر والساحة التي سكنها الكهنة وموظفي المعبد. وقد آمن الفينيقيون بعقيدة الأضاحي البشرية فلجؤوا إليها في أوقات الشدة، ثم أصبحت تُستبدل بالأضاحي الحيوانية، التي تسيل دماؤها على المذابح لكي تُشبع نهم الآلهة وترضيها، وكذلك انتشرت الترانيم والصلوات والدعوات.
اقرأ المزيد...
سليمان أبو طافش🔭
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك