لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟
الجزء الثاني
لماذا لا يستطيع العالم تحمل إغلاق قناة السويس؟ - الجزء الثاني تصميم الصورة : رزان الحموي |
تكلّمنا في المقال السابق عن أهميّة قطاع النقل البحري وسنكمل في هذا المقال ..
الحاجة أم الاختراع:
خلال بحث ماكلين عن طريقةٍ للتخلص من الرسوم الجديدة على شاحنات |النقل|، تذكر الفكرة التي راودته قبل خمسة عشر عاماً أثناء معاناته من الانتظار في الميناء حتى تفريغ الحمولات، ففكر بنقل الشاحنة كلها إلى السفينة بدلاً من نقل الحمولة فقط، ولكنه سرعان ما عدّل فكرته، إلى نقل صندوق الشاحنة فقط إلى السفينة، ولكن القوانين الأمريكية لم تكن تسمح له بدخول قطاع النقل البحري مع استمراره في قطاع النقل البري فكان عليه اختيار أحد القطاعين فقط.
تغييرات محورية هامة:
لم يستهلك ماكلين وقتاً طويلاً في التفكير، فسرعان ما قرّر الاستغناء عن كل ما انجزه في قطاع |النقل البري|، والتوجه إلى قطاع |النقل البحري|، والبدء فيه من جديد، فباع حصته من الشركة بمبلغ 25 مليون دولار، ثم حصل على قرضٍ من أحد البنوك بمبلغ 42 مليون دولار، بضمانة مشروعه الجديد، وراح يبحث عن شركةٍ عاملةٍ في النقل البحري لكي يشتريها، فكان له ما أراد.
تعديلات وابتكارات جديدة:
اشترى ماكلين إحدى شركات النقل البحري بسبعة ملايين دولار، فغيّر اسمها، وبدأ يعمل على تطوير الحاويات المستخدمة لنقل البضائع في السفن، وحصل على براءة اختراعٍ بذلك، ولم يكن بحاجة شيءٍ بعد ذلك، إلا السفينة التي ستنقل الحاويات، وهذه كانت أكبر مشاكله، ولكنه كعادته لم يستغرق كثيراً من الوقت حتى وجد حلاً لهذه المشكلة، فاشترى سفينتين لنقل |النفط| وقام بتعديلهما لتتناسبا مع الحاويات التي ابتكرها.
نحو مزيدٍ من النجاح:
في عام 1956، أبحرت أول سفينةٍ مملوكة لماكلين من ميناء نيويورك إلى ميناء هيوستن، وهي تحمل 58 حاويةً مليئةً بالبضائع، وسط ترقّب المسؤولين الأمريكيين والصحفيين ورجال الأعمال، وقبل أن تصل السفينة إلى وجهتها، حصل ماكلين على تعاقدات كثيرة وكبيرة لنقل البضائع.
المنفعة تغمر الجميع:
لم يستوعب ماكلين كمية الطلبات التي انهالت عليه، ولكنه رغب بتحفيز الأشخاص والشركات أكثر من ذلك، فقام بتخفيض أجوره بنسبة 25%، ولكي ندرك أهمية الإنجاز الذي قدمه ماكلين بطريقته في نقل البضائع، يكفي أن نعلم بأن تكلفة نقل الطن الواحد من البضائع قبل ماكلين كانت تصل إلى أكثر من خمسة دولارات ونصف، وبطريقة ماكلين، انخفضت التكلفة إلى أقل من ربع دولار، وكانت معظم التكلفة تذهب إلى عمال الميناء، عداك عن توفير الوقت الكبير الذي كانت تستهلكه عملية تفريغ السفينة وتحميلها، والذي انخفض من عشرين يوماً إلى عشرين ساعة.
العقبة الأخيرة التي واجهت مشروع ماكلين، كانت تتجسّد في البنية التحتية للموانئ، فهي لم تكن مجهزةً لسفن ماكلين، ولم تتجاوب السلطات الأمريكية جيداً معه لتحديثها، ورغم المجهود الكبير الذي بذله لإقناع المسؤولين بمشروعه، إلا أنه لم ينجح بذلك حتى خدمه القدر عندما اشتعلت الحرب في فيتنام واحتاجت الحكومة الأمريكية لتطوير موانئها، ليتجلى المثل القائل "مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد" بأكمل أشكاله.
اقرأ المزيد...
سليمان أبو طافش🔭
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك