ومضة الوحدة .. النفس الأخير
ومضة الوحدة .. النفس الأخير تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
في عتمة الليل ، أجلس لوحدي ..
أسمع أصوات كلاب تنبح في الخارج ، و النجوم تتحدث مع بعضها بسخريةٍ و استعلاء عن البشرية ..
أسمع أيضاً صوت صراخٍ صامت ، من الشرفة المقابلة لمنزلي ، فتاةٌ وحيدة بائسة تقف هنالك ، تبكي .. تناجي ربها .. ثمَّ تشهق لعلها تتوقف عن البكاء .. و من ثمَّ .. تعود و تبكي .. و تبكي ..
أعاود النظر إلى السماء ، باتت الغيوم تتحد مع بعضها البعض ، لتجعل النجوم تختفي .. في عالمها ..
دخلت تلك الفتاة إلى منزلها ، مستسلمةً للأحداث التي لا أعرفها ، و لكن واضحٌ جداً مدى عمق فجواتها ..
جاءت لسعة برد تشرين ، جو الخريف مُحير ، لا تعرف هل تشتعل نشاطاً و طاقةً ؟!
أم انك إنسانٌ أصابه الفتور و التوّحد ؟!
قررت أن أدخل لمنزلي قبل أن أصاب بزكام شديد ..
تجولت في أنحاء المنزل ، هنالك فكرة عالقة .. لكنني لا أجد لها الكلمات ..
هنالك مشاعر معقدة .. لا حروف لها .. سوى الصمت ..
صمتٌ يعدم فؤادنا .. و آخرٌ يثير نشوتنا ..
و ما بين الاثنين .. أجد تلك الفكرة .. و لا أجد .. الومضة ..
كانت زوجتي غارقة بالنوم بعد يومٍ متعب و شاق من قيامها بالأعمال المنزلية ..
في العادة عندما أكون في حالة الركود هذه .. وحدها من تشعل أفكاري .. بكلمةٍ منها .. بهمسةٍ رقيقةٍ منها ..
عليَّ الاعتماد على نفسي هذه المرة ..
و بعد إمعاني بملامحها الطفولية الناضجة ، وجدتُ نفسي بقربها ، أعانقها .. و أبكي !
لا أعلم ما السبب !!
أظن دفء مجرتها حتى و هي نائمة ..
و هنا ظهرت تلك الومضة ..
(( تنفس .. تنفس هواء الكون أكثر ..
لا بأس بأخذ أكسجين العالم .. لتسدَّ فراغ فجوات شقاء الآلام ..
الفظ نَفَسك الأخير .. و لتشهق بعدها .. شهقة الحياة الأولى .. ))
شهد بكر ✒️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك