علم التحكم بالتفكير وتغيير العقائد (غسيل الدماغ)
علم التحكم بالتفكير وتغيير العقائد (غسيل الدماغ) تصميم الصورة: وفاء مؤذن |
سمعنا منذ الصغر بعمليات |غسيل الدماغ|، وصرنا نصف من يغيّر أفكاره ومعتقداته، بأنه غُسل دماغه، فهل يمكن فعلاً غسل الأدمغة؟ وهل يمكن التحكم بنمط وطريقة تفكير الآخرين؟ وإذا كان ذلك ممكناً، فما هي الطريقة لذلك؟ وما هي الوسائل التي يمكن استخدامها للسيطرة على عقول الآخرين؟ وما هي تداعيات ذلك وتأثيراته على الفرد والمجتمع؟
معنى غسيل الدماغ:
المقصود بغسيل |الدماغ|، هو تغيير عقل الإنسان وطريقة تفكيره، بحيث يمكن السيطرة عليه ويصبح منقاداً وكأنه دميةٌ حيّة، ويتمّ ذلك عبر عدة وسائل تؤدي إلى مسح كل المعارف والقيم الراسخة في عقل الإنسان، واستبدالها بما يخدم مصلحةً معينة، وقد بدأ هذا المفهوم لدى بعض الحكّام الدكتاتوريين تجاه معارضيهم. والهدف من غسل الدماغ بالمعنى السياسي، هو الحصول على عبيدٍ يمكن الوثوق بهم، ويؤمَن جانبهم، ويخضعون دائماً للأوامر دون التفكير فيها.
متى ظهر مصطلح غسيل الدماغ؟
بدأ هذا المصطلح يتردد مع بداية الحرب الكورية، ففي 1950 غزت كوريا الشمالية بدعمٍ من الصين الشيوعية كوريا الجنوبية المدعومة أمريكياً، وسرعان ما لاحظ الأمريكيون شيئاً غريباً يحدث مع جنودها العائدين من الأسر، فقد تحوّل الكثير منهم إلى شيوعيين، فبدؤوا بدراسة هذه الظاهرة التي أطلقوا عليها مصطلح غسيل الدماغ، أما الصينيون فقد أطلقوا اسم إصلاح التفكير على عملياتهم الهادفة إلى غسل أدمغة أعدائهم.
تأثيرات الحرب على الإنسان:
عُرف منذ القدم، بأن |الحرب| تُحدث تغييراتٍ كثيرةٍ على الإنسان وأفكاره، وقد ذُكر ذلك في الإنجيل، كما أشار إليه شكسبير عندما تحدث عن جنون الحرب، كما ذكر بعض الأطباء المشرفين على علاج العائدين من الحرب، بأنهم عانوا من أعراضٍ غريبةٍ أسموها شدة القذيفة، بحيث يعاني الشخص من تقلباتٍ شديدةٍ في المزاج والسلوك، وزيادةٍ كبيرةٍ في القلق والاضطراب، والميل إلى الإيحاء، وفقدان التحكم بالذات، فبدا واضحاً بأن للحرب تأثيراً كارثياً على عقول البشر.
تأثير غسيل الدماغ:
أما غسيل الدماغ فيمضي أبعد من ذلك بكثير، فهو يهدف إلى الخضوع للحملات الدعائية التي يقوم بها غاسلوا الدماغ، وقد أشار إدوارد هانتر في كتاب غسيل الدماغ، إلى الخبث المتعمّد والمنظم للعدو، فوصف غسيل الدماغ بأنه شكلٌ من أشكال الاغتصاب العقلي، فهو يُفرض على الضحية بهدف تدمير إيمانها بكل معتقداتها السابقة، ومسح ذاكرتها، لكي تصبح جاهزةً لتلقي المعتقدات الجديدة.
توسيع مصطلح غسيل الدماغ:
في البداية بدا أن غسيل الدماغ عملٌ تتبناه الدولة وتشرف عليه، وتديره أنظمةٌ شموليةٌ ضد المنشقين والمتمردين عليها، سواءٌ كانوا من مواطنيها أو أجانب، ولكنه سرعان ما استخدم للتعبير عن الإساءة إلى مجموعاتٍ أصغر أو إلى أفراد، ثم توسّع مصطلح غسيل الدماغ ليشمل الصحفيين والإعلاميين والعاملين في مجالات التعليم والدين والصحة العقلية، فجميعهم يحاولون التأثير في آراء الآخرين ومعتقداتهم.
المعنى الحديث لغسيل الدماغ:
في أيامنا هذه أصبح مصطلح غسيل الدماغ عرضياً بهدف الإساءة والتهكّم على من غيّر فكره واعتقاده بقضيةٍ ما، ولكنه في مرحلةٍ سابقة، عندما سيطر الخوف من الشيوعية على الأمريكيين، كان غسيل الدماغ مرعباً جداً، لأنه عنى فقدان السيطرة والإرادة الحرة والهوية، فاستخدمه المسؤولون الأمريكيون لتأجيج الغضب الشعبي ضد المد الشيوعي، واعتبروه البديل العلمي الحقيقي، لما كان يُعرف بالمس الشيطاني.
شارك المقالة إذا وجدت فيها ما يعنيك
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك