من أين يأتي الأكسجين الذي نتنفسه؟ تصميم الصورة وفاء المؤذن |
استكمالاً للمقال السابق عن مصدر الأكسجين على الأرض نتابع ...
الأنهار الجليدية:
تشتهر| المناطق القطبية |على الأرض بما يسمى بالأنهار الجليدية،
وإذا كانت رؤية حركة تلك الأنهار صعبةٌ جداً بسبب بطء حركتها، فإن سماع الأصوات التي تصدر عن تلك الحركة أمرٌ ممكنٌ جداً،
ويستمر النهر الجليدي بالزحف حتى يلتقي بمياه المحيط، وعندها يبدأ الجليد بالذوبان، فتتحرر منه فقاعات الهواء التي كان يحتجزها،
أما بقايا الصخور التي طحنها النهر الجليدي أثناء زحفه وحملها معه، فهي طعام "الدايتون" المفضل.
ولكن مع توقف النهر الجليدي الذي يستمر لعقود، فسرعان ما ينفذ الطعام، وتموت خلايا الدايتون، وتسقط نحو قاع المحيط، ومع الوقت تشكلت طبقةٌ بسماكة ثمانمئة متر.
الثلج البحري:
إذا استطعنا رؤية جثث "الدايتون" الساقطة نحو قاع المحيط لوجدنا بأنها تشبه قطع الثلج المتساقطة، ولهذا أمكن تسميتها بالثلج البحري،
وعلى مدى ملايين السنين يرتفع قاع |البحر|، وإذا انحسرت عنه المياه، فأنه يتحوّل إلى صحراء ملحية،
والصحراء الإفريقية الكبرى كانت يوماً ما قاع محيط، ولذلك فهي اليوم مليئةٌ ببقايا جثث "الدايتون"،
وعندما تهب العواصف الرملية فإنها تحمل تلك البقايا إلى |غابات الأمازون |التي تتغذى على تلك البقايا.
الترابط العجيب:
لا بد من أن الترابط بين الصحراء الكبرى وغابات الأمازون أصبح واضحاً من خلال ما ذكرناه حتى الآن، ولكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير، فجميع الأنظمة على الأرض تعمل معاً لكي تمكننا من |التنفس|،
فالتوازن هو سر النجاة، فإذا نقص الأوكسجين قليلاً، فإن ذلك سيخنقنا، وإذا زاد قليلاً فقد يحترق كوكب الأرض كله، بشكلٍ مشابهٍ لما حدث قبل ثلاثمئة مليون سنة،
والحقيقة الغريبة هي أن نسبة الأوكسجين في| الغلاف الجوي| ثابتة، رغم أن غابات الأمازون عليها انتظار العواصف القادمة من إفريقيا، وأن "الدايتون" عليه انتظار الأنهار الجليدية، وأن أعداد البشر تتزايد باستمرار، ولا أحد حتى الآن يعرف كيف تتدبر الأرض أمرها لتحقيق ذلك التوازن.
سر الحياة:
من الواضح بأن كل شيءٍ على الأرض يؤثر في كل شيءٍ بشكلٍ أو بآخر، وهذا ما يصنع |التوازن| الذي يحفظ الحياة،
ولطالما آمن |البوذيون| بذلك، حتى أنهم أوجدوا مهرجاناً للاحتفال بالتوازن في الطبيعة، وهو مهرجان "موجابوجا" الذي يجمع أكثر من مئة ألف شخص، وكل شخصٍ منهم يُشعل شمعة، ويحتفل الجميع مع بعضهم طوال الليل.
العناصر الأربعة:
رغم أن اعتقاد |الفلاسفة| القدماء بأن كل شيءٍ مصنوعٌ من العناصر الأربعة كان خاطئاً، إلا أن تلك العناصر هي التي تؤمن لنا الحياة،
فكل الأوكسجين الذي نحتاجه للتنفس، ما كنا لنجده لولا العمل المشترك الذي تقوم به الأرض والماء والهواء والنار، فتلك العناصر بحق، هي المصدر الأساسي للحياة، ولكن عليها ان تعمل معاً بتوازنٍ وانسجام،
أما تدخلات البشر ونشاطاتهم المتنوعة، فإنها تؤثر في ذلك التوازن، وقد يصبح هذا التأثير كارثياً مع الوقت،
وقد بدأنا نلمس النتائج السلبية لذلك التأثير من خلال ظاهرة الارتفاع الحراري.
نرجو مشاركة المقال لكي تعم الفائدة.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك