من أين يأتي الأكسجين الذي نتنفسه؟ تصميم الصورة وفاء المؤذن |
الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يولد باكياً ويعيش شاكياً،
فلماذا يكون البكاء هو أول عملٍ نقوم به بعد ولادتنا؟
وما أكثر الأشياء التي نعتاد عليها لدرجة نسيانها ونسيان أهميتها لأنها أصبحت من المسلمات،
ولعل |التنفس |أحد أهم تلك الأشياء،
فمنذ ولادة الانسان، تبدأ عملية التنفس مع أول شهقة هواءٍ يأخذها، وتلك الشهقة الأولى هي الي تبدو كصرخة بكاء،
فكيف تتم عملية التنفس ومن أين يأتي |الأوكسجين| الذي نتنفسه؟
العواصف الرملية الإفريقية:
تعتبر الصحراء الكبرى في |إفريقيا| أكبر صحارى الأرض،
ورغم كونها بقعةً هائلةً من الرمال، إلا أن فائدتها لنا ولكوكب الأرض أكبر بكثيرٍ مما نعتقد،
فقد تبيّن بأن العواصف الرملية الهائلة التي تتشكل فوق الصحراء الكبرى، تعبر المحيط الأطلسي وتصل إلى غابات الأمازون في أمريكا الجنوبية، وما تحمله تلك العواصف من الغبار يقدّر بسبعةٍ وعشرين مليون طن من الغبار الساقط فوق |غابات الأمازون| سنوياً،
وهذا الغبار يعتبر سماداً مثالياً تتغذي عليه نباتات تلك الغابات، التي تُعتبر أكبر رئةٍ للأرض تنتج الأوكسجين.
مصانع مذهلة:
تُنتج كل شجرةٍ ضخمةٍ من أشجار حوض الأمازون كميةً من الأوكسجين تكفي لشخصين طيلة حياتهما،
وتستطيع غابات الأمازون المطيرة أن تُنتج من الأوكسجين أكثر من حاجة البشر جميعاً بعشرين ضعفاً، ولكن ما تنتجه بالكاد يكفي السكّان المحليين، فهي مليئةٌ بكل أشكال الحياة، والحيوانات الموجودة فيها تستهلك كل الأوكسجين الذي تنتجه،
وهذا يعني بأن غابات الأمازون ليست المصدر الأساسي للأوكسجين الذي يؤمن حياتنا.
نهرٌ في السماء:
تشتهر غابات الأمازون بنهر الأمازون الذي يعتبر أعرض نهرٍ في العالم، ولكنها تمتلك نهراً آخر أقل شهرةً وأكثر أهميةً،
وهو ليس نهراً من الماء يعبر الوديان، ولكنه نهرٌ من البخار الناتج من أشجار غابات الأمازون،
وهو نهرٌ هائلٌ يغطي كامل |أمريكا الجنوبية|، ويتدفق مسرعاً حتى يصطدم بجال الأنديز الشاهقة، التي يصل طولها إل تسعة آلاف كيلو متر، ويصل ارتفاعها إلى سبعة كيلو مترات، وعند ذلك الحاجز العظيم تتحول الغيوم إلى قطرات ماءٍ تنهمر على السفوح لتعود إلى حوض الأمازون،
وخلال ذلك فإنها تنحت الصخور وتساهم في تشكل الرواسب التي تصب في| المحيط الهادي|.
كائنات عجيبة:
عندما تصل الرواسب إلى المحيط الهادي تجد بانتظارها كائناتٍ خلويةٍ في غاية الصغر، إنها خلايا "الدايتون" التي تعتبر سر مصدر الأوكسجين على الأرض،
فهي قادرةٌ على القيام بعملية| التركيب الضوئي| التي تُنتج الأوكسجين، وبما أن أعدادها هائلةٌ ويتضاعف كل يومٍ، فإن نصف الأوكسجين الذي نستهلكه يأتي من تلك الكائنات المجهرية المذهلة.
نظرةٌ من الفضاء:
عند النظر إلى المحيط من |الفضاء|، يمكن مشاهدة بعض المناطق المميزة بلونها عن غيرها،
وتلك المناطق تكون غنيةً بالكائنات المجهرية مثل خلايا "الدايتون"، التي تعكس الضوء بشكلٍ مختلفٍ ما يجعلها مرئيةً من الفضاء الخارجي،
ورغم أهمية تلك الكائنات أثناء حياتها، فإن أهميتها تزداد بعد موتها،
فكيف يكون ذلك؟
🔭بقلمي سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك