هل الموت مجرد مرضٍ يمكن علاجه؟ - الجزء الثاني
هل الموت مجرد مرضٍ يمكن علاجه؟ - الجزء الثاني تصميم الصورة: رزان الحموي |
استكمالاً لما تكلمنا في مقال سابق حول هل الموت مرض يمكن علاجه؟
الخلايا الحية والكروموزومات:
لكي تتكاثر |الخلية الحية|، يتوجب عليها أن تنسخ أحماضها الأمينية ثم تنقسم إلى خليتين، ولكن عدد الانقسامات التي تقوم بها الخلية محدود، فقد وجد العلماء على أطراف |الكروموزومات| الحاملة لل|معلومات الوراثية| ما يشبه نهاية الخيط الرفيع، ومع كل عملية انقسامٍ يتقص طول تلك النهاية، وعندما تُستهلك تلك النهايات فإن المعلومات الوراثية تصبح عرضةً للطفرات، ولذلك تتوقف |الخلية| عن الانقسام منعاً لحدوث |الطفرات| التي غالباً ما تكون مؤذية.
تحدي الفيزياء:
تقول قوانين |الفيزياء| بأن كل الكائنات الحية يجب أن تموت، ولكن أعمارها متباينةٌ جداً، فعمر بعض الحشرات لا يتعدى بضعة أيام، بينما تعيش السلاحف مئات السنوات، والأغرب من ذلك أن بعض الكائنات الحية مثل الاسفنجيات تستطيع تجديد خلاياه بشكلٍ غريب فعند تقطيع إسفنج البحر إلى عدة قطع، فإن كل قطعةٍ منها تنمو لتتحول إلى إسفنج جديد، أما قنديل البحر الخالد فهو لغزٌ محيرٌ بحد ذاته، فعندما يصل مرحلة الشيخوخة فإنه يستطيع بطريقةٍ عجيبةٍ أن يعيد نفسه إلى مرحلة الجنين ويبدأ حياته من جديد.
الجينات والشيخوخة:
اكتشف العلماء وجود بعض الجينات عند بعض الحيوانات تمنحها حياةً أطول من غيرها، فالفأر العاري مثلاً، يعيش اكثر من الفأر العادي بأربع مرات، وعند البحث عن سبب ذلك، تبين بأنه يمتلك نوعاً من البروتين يمنع حدوث طفراتٍ في المعلومات الوراثية، كما اكتشف العلماء بأن أعداد نوع خاص من الجزيئات المسماة +NAD تتناقص مع التقدم في العمر، وهذه الجزيئات تعزّز قدرة الخلايا على صيانة نفسها، وقد أمكن صنع مجموعةٍ من الأدوية التي تعزز أعداد تلك الجزيئات والبروتينات، ولكن ذلك لم يمنع |الشيخوخة| بل أخّرها قليلاً فقط.
تجربة مجنونة:
في عام 1952 قام عالما أحياءٍ بتجربةٍ فريدةٍ جداً، حيث جلبا فأرين، أحدهما عجوز والآخر يافع، وقاما بخياطة جسميهما معاً، فلاحظا بأن عظم الفأر العجوز أصبح أقوى، وهذا قاد العلماء فيما بعد إلى مزيدٍ من الأبحاث والتجارب، فوصلوا إلى استنتاج أن الخلايا الشابة قادرة على دعم الخلايا الكهلة، فاقترحوا فكرة تخزين دم الشخص الشاب إلى مرحلة الشيخوخة، بحيث تفيده خلايا دمه الشاب في مقاومة الشيخوخة.
مبررات الأعمار الطويلة:
بالنظر إلى مختلف الناس الذين عاشوا أعماراً طويلة، هل يمكننا استخلاص الأسباب والعوامل المشتركة بينهم؟
تشير الدراسات بأن الكثير من العوامل تساهم في زيادة عمر الإنسان، مثل التغذية والرياضة والجوانب الروحانية، ولكن أهم العوامل هو الراحة النفسية، فكلما كان الإنسان مرتاحاً في حياته، مبتعداً عن الهموم والمشاكل، مملوءً بالفرح والتفاؤل، كلما عاش لفترةٍ أطول، وهنا تظهر أمامنا حكمةٌ عظيمة تقول: ليس المهم أن نحيا بل كيف نحيا، وهناك مقولةٌ شهيرةٌ تقول: كل إنسان يموت، ولكن ليس كل إنسان يعيش حقاً، فالموت حقٌ لا بد من بلوغه، ولعله الحقيقة الوحيدة التي لا نختلف عليها، فإذا كان الموت نهايتنا جميعاً فلماذا لا نعيش حياةً عريضةً مليئةً بالمحبة والسلام؟
إذا كنت تفضل الحياة العريضة على الحياة الطويلة، شارك المقال وأعطنا رأيك.....
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك