جريمة تدور أحداثها في ذهن الجاني ويصبح القارئ مشاركاً فيها، مراجعة رواية الجريمة والعقاب تصميم الصورة : رزان الحموي |
والآن إليكم قِصّة رواية الجريمة والعِقاب.
بدايةً نستشِفُ من اسم الرِّواية وعناونها أنّها تدور حول جريمة تحصل في مكانٍ ما في زمنٍ مُعيّن، وبِخلافِ الكثيرِ من الرِّوايات فإنَّ الكاتبَ لا يبحثُ فيها عن مُرتكبِ الجريمة، لأنّ مرتكبها معروف وهو بطل القصة ومحورها، لَكنّ الغريب في |الرِّواية | والذي يُضفي عليها عُنصرَي |الإثارة والتشويق| هو غموض السبب الحقيقي الذي دفع بالمجرمٍ إلى ارتكابٍها.
بطل القِصة أو المجرم هو شاب في مُقتبلِ العُمر
ينتمي إلى عائلة تعاني حالة من الفقر المُدقع، هذه الحالة تُجبِره على التَّخلي عن حُلمه في إكمال دراسته، وهنا تنطلق أحداث الرواية أي منذ تركه للدراسة حيث ترد إلى ذُهنِه فكرة دونيّة وحقيرة، يعمل جاهداً على طرد تلك الفكرة من بالِه، ويستاء من كيفية ورود فكرة كهذه إلى ذهنه، ويخجل منها لدرجةٍ أنّه لا يبوحَ بها لأيّ مخلوقٍ كائناً من كان، في إشارةٍ من الكاتب إلى أنّ الجَّريمة تبدأ بفكرة منبوذة من قبل مُرتكِبها حتّى.
في غضون ذلك وإلى حينٍ وقوع الجّريمة يروي الكاتبُ عدداً من الأحداث التي جرت مع المجرم محاولاً وصفه وتوضيح طبيعته لنا، منها مشهد لقاء القاتل بفتاة كانت في وضع سيء وحالة يرثى لها فاستأجر لها عربة كي تقلّها إلى بيتها على الرغم من حالة الفقر الشديد التي يعيشها.
أما عن فِكرةِ ارتكاب الجّريمة وكما ذكرنا آنفاً
أنها تراود القاتل منذ تركه للدراسة بسبب| الفقر|، وترسّخت أسس الفكرة في ذهنه وبالِه بعد استماعه لحديث رجُلين عَن العجوز الثّرية -الضحية- التي تستغل حاجة الناس إلى المال، حيث يلجأ الناسُ إليها لاقتراضِ المال منها فتعطيهم إيّاه لكن بالفائدة أو ما يُعرف بالرِبا، وكانَ حديث الرجلين يدور حول فِكرة قتل تلك العجوز وتوزيع جميع أموالها على الفقراء وإنقاذ حياة الكثيرين منهم.
وقد تبنى بطلُ الرِّواية هذه الفكرة وأراد أن يعمل بها وصرّح برغبته في ارتكابها آملاً في تحقيق |العدالة في المجتمع|، والتي ستتحقق من وجهة نظره عند إنقاذ حياة الكثير من الأُسر الفقيرة مقابل قتل امرأة واحدة فقط.
يأتي مشهد ارتكاب الجريمة لنجد المجرم بعد قتلِه العجوز الثريّة واستعداده للفرار، يخشى أن تكون تلك العجوز لا تزال على قيد الحياة فيهرع إليها رافعاً الفأس من أجل توجيه ضربة أخرى تكون القاضية، لكنّه لا يفعل لأنّه يتحقق من أنها ميتة.
أما عن أسباب ارتكاب الجريمة فهي تبقى مُبهمة
إذ تتعدد الأسباب والتوقعات التي تُخمِّنُ سبب ارتكاب الجريمة، فالبعض سيعتقد أن السبب هو الدافع المادي، حيث أنّ المجرم ارتكب الجريمة طمعاً في مال العجوز، لكن بالمقابل يُمكنكَ نفي هذا التصوّر عند ملاحظتك أنّ المجرم لم يستخدم مال الضحية بل دفنه، في حين سيتوقع آخرون أنّ القتل جاءَ على هيئة قتل فكرة ومبدأ وليس قتل شخص، فالمجرم عند قتله العجوز أراد أن يقتل مبدأ استغلال الأثرياء للفقراء وليس قتل إنسان بعينه، قد تظن أيضاً أن الدافع لارتكاب الجربمة هو صراع البقاء وخوف الفقير من الموت بسبب الفقر والجوع ورغبته في البقاء والاستمرار عل هذه الحياة.
جميع هذه التوقعات والتناقضات تُشير إلى اختلاف الدّوافع والأسباب الكامنة وراء ممارسة أي فعل إنسانيّ أيّاً كان ذلك الفعل.
ختاماً اعلم أيُّها القارئ :
أنّ ماذكرته ماهو إلّا مراجعة بسيطة ومختصرة جداً للرٍّواية، وأنّ فيها الكثير من الأحداث المشوّقة التي تعمدّت عدم ذكرها كي لا أفسد عليك مُتعة قرائتها.
والآن أخبرني من وجهة نظرك كقارئ برأيك ماهو السبب الأكثر واقعية الذي دفع بطل القصة إلى ارتكاب الجريمة؟
بقلمي هيا الشيخ
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك