محمود نصر .. الجوهرة الإبداعية لمسلسل ٦٠ دقيقة
اسمٌ غنيٌّ عن التعريف في عالم الفن و التمثيل .
نجمُ السويداء السوريّة الساطع و المتألّق ، لفت الأنظار إليه بعد الشخصيات التي أبدع بها و معها عبر مسيرته الفنيّة ، بما تركته في نفس المشاهد آثار و مشاعر و أفكار عميقة ، حقيقيّة ، إنسانيّة .. لا يمكن تجسيدها مع أيِّ ممثلٍ آخر ..
.. اليوم ..
ممثلنا الفريد يضع بصمته الكونيّة على العالم العربي كله ، و ذلك بعد تشرّبه للهجة المصريّة ، و أداء دور خاص في مسلسل
" ٦٠ دقيقة " ..
***
صنّاع العمل :
• المسلسل من إخراج " مريم أحمدي "
• كتابة سيناريو " محمد هشام عبية "
• بطولة " محمود نصر " و " ياسمين رئيس " و " سوسن بدر " و العديد من النجوم ..
***
حكاية دراسيّة للمسلسل :
تبدأ اللقطة الأولى مع امرأة و هي ترتدي لباساً أحمراً خاصاً بحكم " الإعدام " ..
ترتجف ، بنظراتٍ مرتعشةٍ خائفة ، تحاول البحث عن مفرٍ ما ، مهربٍ ما ..
ليتجوّل السؤال التالي في عقل المشاهد :
《ما هي الجريمة ؟! 》
ليأتي الجواب مع تتمة المشهد ، أنَّ " ياسمين " قتلت زوجها " أدهم " ، و تطلب طلباً غريباً من هيئة تنفيذ الحكم ، و في هذه الأثناء نعرف خلال تسع حلقات سبب وجودها مع الملابس الحمراء .. و طلب الطلاق من زوجها المقتول !!
و هنا تبدأ الحكاية .. و تنطلق المغامرة التي سيغوص بها المشاهد لمعرفة سبب وقوع الجريمة و طريقتها ..
تدور أحداث المسلسل حول| طبيبٍ نفسي| و في ذات الوقت أستاذ جامعي اسمه " أدهم نور الدين " .
متزوجٌ من صيدلانيّة لطيفة و ذكية تُدعى " ياسمين " .
طبيبٌ ناجحٌ و وسيم ، شابٌ قد تجاوز كل أساتذته و الأطباء الأكبر منه سناً و خبرةً ..
و وصل إلى قمةٍ أعلى ، هذا ما يجعل التهم الكبيرة تنصبُّ على عاتق سمعته و عمله ، إلا أنه يبقى ثابتاً ، واثقاً من نفسه رغم كلِّ الزعزعة التي تحدث حول عالمه .
كان دائم الدفاع عن نفسه و عن مهنة الطب النفسي ، و بأنَّ ما يحدث ليس سوى مؤامرة لتشويه مكانته و مكانة المهنة ...
و بعد سلسلةٍ مشوّقة و غامضة من الأحداث و التي تجعل| العقل| يغوص مع أسئلةٍ و إشاراتِ استفهامٍ كثيرة ، و القلب ينتفض مع كلِّ دقةٍ .. و يخشى من القادم ..
قام المسلسل " ٦٠ دقيقة " بتسليط الأضواء على الأماكن المعتمة ، و القضايا المجتمعيّة التي تجعل من الإنسان مضطرب النفسيّة ، مختل العقل و الوعي ..
هذا المسلسل العميق ، لا يريد نقل صورة خاطئة عن الطب النفسي .. بل هنالك أهداف وراء كل حدث و كل كلمة و كل شخصيّة ..
تُختصر تلك الأهداف في أنهم جميعهم ..
" ياسمين " ، " والدة أدهم " ، " ابن أدهم " و جميع الشخصيات ..
مريضين نفسياً ..
و لكنَّ حكم المجتمع و البشر جعلوا من الدكتور " أدهم " ليس فقط مريضاً نفسياً مثلهم ، بل بداخله فجوة و كارثة نفسيّة مدمرة..
شخصيةٌ تميل كلَّ الميل نحو النزعة العدوانيّة ، و عشق| التملك| ، و التلذذ الرهيب بإلحاق الضرر بالآخرين و لو بكلمة أو نظرة .. انتهاءً بالانتحار و التشجيع عليه :
(( في ناس بتشوف دا انتحار .. أنا عن نفسي بشوفه بطولة )) ..
و حال لحظة الاعتراف و الحقيقة و فك جميع الألغاز ..
تظهر " ياسمين " و هي جالسة مع " أدهم " تستمع إليه و إلى أفكاره المرضيّة حول التبرير لكل ما فعله من خطايا .. بعد أن وظفت قدراتها الاستخباراتيّة لكشف حقيقته ..
و في لحظةٍ ما .. و بعد استفزازٍ رهيب .. تضربه بقوةٍ كبرى على رأسه ضرباتٍ كثيرة ، متوالية ، متفقة مع بعضها على أن تخرج من صميم الكره .. و كأنها تنتقم من تلك الأفكار و الهواجس التي زُرعت ضمن هذا الرأس المريض ..
***
محمود نصر .. كينونة التميّز :
جميع المتعاونون بهذا المسلسل لهم مكانهم الخاص ، لكن من شدَّ انتباه الجمهور إليه ، كان شخصاً ولد من رحم جوهرة الاستثناء ، فالإبداع و الإتقان مصطلحان عنوانهما كلمتان ..
" محمود نصر "
لأنه من المستحيل التمييز ما إذا كان هذا الممثل تعود أصوله إلى| مصر الحبيبة| أم لا .
الجدير بالذكر أنَّ " النصر " كان على تحدٍ تام مع ذاته ، و جميع المشاهدين الذين ترقبوا هذه الخطوة ، لننصدم لاحقاً أنه لم يتقن اللهجة فقط ، بل عاش معها ، و قبلت صداقته القويّة ، و ظهر ذلك مع كل تعبير أو إيماءاة أو همسة قام بها لتقمّص الشخصيّة بطريقةٍ استثنائيّة ، مخترقاً الخطوط الحمراء الممنوعة ، منصهراً باندماجٍ كوني مع تناقضيّة و زلزال نفسيّة الدكتور أدهم .
في الحقيقة ، " النصر " عودنا على نقل أيِّ دورٍ بذكاء عالٍ و مفرط الابتكار ..
و رغم الشخصية الرماديّة و الضبابيّة .. بل و السرابيّة أيضاً ..
استطاع أن يصل إلى قلوبنا ، و اللعب على أوتار مشاعرنا ، مع كل مشهد أو حوار أو حدث ..
و يوقع المشاهد في حيرة تامة .. هل هو شخصٌ طبيعي ؟!
هل هو حقاً فارسٌ هاربٌ من الروايات و الأفلام إلى صراع الواقع ؟!
***
مقولات مميزة :
- من حق أي حد يروح لدكتور نفسي .. دي مش تهمة .
- إذا قدرت تسبق دماغ شخص بخطوة فأنت دلوقتي بس قادر تهيئه للعلاج .
- التفكير : هو عدو الإنسان الأول و لن يحدث أي تغيير في| سلوك المريض| إلا إذا تغيرت طريقة تفكيره .
- الدكتور الشاطر ، طول ما هو في العيادة ، البانطو الأبيض بتاعو لازم يفضل أبيض و نظيف ، ممكن يتوسخ طبعاً ، بس الشطارة انو لغاية ما يتغسل ، الناس ما تشوفش الوساخة دي .
- التفكير الزايد ببوظ سعات حاجات كتير حلوة .
بقلم: شهد بكر 💙
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك