بر الوالدين وكيفية بلوغه والوصول إليه تصميم الصورة : ريم أبو فخر |
كنا قد تحدثنا بالجزء السابق ماهو البر وعرفناكيف يكون البر في حياة الوالدين وسنتابع في هذا المقال
كيف تتعامل مع أبويك إذاأصاب ذاكرتهما النسيان والزهايمر وأثر على سلوكهما وتصرفاتهما.
كيف نعامل والدينا بحال المرض والنسيان؟
كن حليماً صبوراً إذا بلغ الزهايمر ذاكرتهما، وأتلفها النسيان ، وتقبل الأمر بروح طيبة رياضية .
فإذا ما أعاد أحد أبويك قصة وكررها لك أو لغيرك كل يوم ولو لعشرات المرات لا تقل أف، لا تقل كفى كفى أمي ، لقد سمعت قصتكما مراراً مللنا منها، تفاعل معها، تفاجأ بها في كل مرة وأسعدهما باهتمامك بها ، وأحسن الإنصات والإصغاء إليهما واغتنم الوقت لتكون بقربهما، لأن تذمرك أو
استخفافك به ولو من باب المزاح أو المرح، يجعل الباقي يعيدون تصرفاتك، سواء كانت بالسلب أو الإيجاب ولا سيما الأطفال.
كيف تتعامل مع والديك في حال تقدمهما بالعمر؟
كنت ذات يوم في حفل بمناسبة ولادة مولودة في بيت إحدى القريبات ، وهي جدة المولودة وكانت سيدة راقية وقورة ، ميسورة الحال، ولديها خادمة
فجأة أطلت علينا والدة جدة المولودة ، وهي تترنح، وبالكاد تمشي وتسحب رجليها، وعمرها يفوق الثمانين ، وقد زينت وجهها بالمكياج بطريقة مضحكة، أمام السيدات المدعوات.
كان منظرها صادماً ، فقد بدت المسكينةكمهرج وهي تحمل بيدها قلم حمرة وقد لطخت ثيابها ويديها بالمكياج ، أسرعت ابنتها وهي تبتسم وقالت لها بحب : صحوت حبيبتي ثم قبلت رأسها ويديها بحب وفخر ، وهي تبدي إعجاباً بمنظر والدتها أمام الجميع.
أجلستها أمام المدعوات بفخر، لم تظهر علامة استياء ، لم ترض أن تبدل الخادمة ثيابها بدلتها لها بيديها وعادت بها وأجلستها معنا وقالت : ماما أحبت مشاركتنا الإحتفال، ولم تسمح لأحد بمجرد ابتسامة أو تعليق ، وكأنها دخلت إلى أعماقنا حتى لا ننتقدها .
وكأنه غير مسموح لنا به في بيتها ، ولو في قرارة أنفسنا، ثم التفتت إليها وقالت تذكرين حبيبيتي كنتِ دائماً تهتمين بي حين كنت صغيرة والآن جاء دوري لأهتم بك ، هل تسمحين لي يا أميرتي
هزني الموقف لدرجة أنْ سالت دموعي ولم أكن وحدي بل بدا التأثر على الجميع.
لم تشعر بالضيق والتذمر، ولم تنهرها ، ولم تشعر بالإحراج لخروجها بهذا الشكل أمام ضيوفها، بل رحبت بوجودها بيننا ، واعتزت بها وكانت العجوز تبدي سروراً وفرحاً وثقة، وتستمتع برأي ابنتها .
رأيتُ في هذا منتهى البر أبنائي، لقد أسعدت قلبها وأشعرتها بالدلال، لم تقل أنت عجوز اختبئي في غرفتك ولا تحرجيني أمام ضيوفي ، ولم تقل لها عيب أمي أن تضعي المكياج وأنت في هذا العمر ولا قالت لها أفسدت الإحتفال بتصرفاتك ،
رسالة لجيل الشباب
أخي أختي ابني ابنتي : هذه رسالة لكل أبناء هذا الجيل هذه رسالة لكل ابن ولكل ابنة ، سخركما لهما في كبرهما لأبويكما ، فلا تجحدا هذه النعمة افرحوا قلب العجوزين اللذين أفنيا عمريهما ليسعداكم، وليفرحا قلوبكم كانا فخورين و سعيدين بكم ، كنتم تلطخون ثيابكم وأيديكم وتكسرون أوانيهم الفاخرة، وتبعثرون أغراضهم الثمينة ،التي لطالما احتفظوا بها وتوراثوها ، فهانت عليهم لأجلكم فرحاً بكم ، بخطواتكم المتعثرة ريثما قويتم واشتد عودكم .
لم يتعبوا من أصواتكم ، ولا ملوا منها، وأنتم تشاغبون وتملأون الدنيا صخباً وضحيجاً ، فلمَ يتعبكم صوت أنينيهم الآن؟ وصوت رجائهم وهم ينادونكم ليشعروا ببعض الأنس ويبددوا وحشة الظلمة والعتمة والوحدة.
ابقوا معنا في المقال التالي لنكمل موضوعنا الهام جداً عن البر .
بقلمي هدى الزعبي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك