والآن سنتابع قصة هذين الهائمين التي تجاوزت المعايير المعقولة والأرضية حتى أصبح هذا| الحب| كما قلنا مضرباً للأمثال العربية والعالمية وألهمت العديد من الكتاب لأن يكتبوا منهم
ومن هذه القصص واحدةً تروي أن والد قيس زار |بيت الله الحرام| للحج مبتغياً الدعاء لابنه للشفاء من حبه هذا, فقال لابنه: " يا بني تعلق بأستار الكعبة وادع الله أن يشفيك من حبها" فقام قيس بالتعلق بأستار الكعبة والدعاء:" اللهم زدني لليلى حباً وبها كلفاً ولاتنسي ذكرها ابداً".
وفي أسطر قصة أخرى من القصص
, قيل أن قيس ابن الملوح ذهب إلى ورد زوج ليلى معشوقته الذي كان يشعل النار للتدفئة بسبب البرد القارص الذي كان يومها فعندما رآه قيس قال له:
" بربك هل ضممت ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى رفيف الأقحوانة في نداها
كأن قرنفلاً وسحيق مسك وصوب الفانيات شملن فاها"
فقال ورد زوج ليلى لقيس
" أما إذا حلفتني فنعم", فقبض قيس على النار بيديه ولم يتركها حتى سقط على الأرض مغشياً عليه.
قصة إبعاد المعشوقين
وعندما قال والد ليلى أمام الجميع أنه سيمنعها عن قيس ويسافر بها إلى تيماء ليبتعد عن أفواه الناس بما أسقطوه على ابنته ازداد حب |العاشقين| أكثر ولمع اسمهما في سماء الحب والعشق
ووصف قيس ذلك بـ
" ألا أيها القلب اللجوج المعذل أفق عن طلاب البيض إن كنت تعقل
أفق قد أفاق الوامقون وإنما تماديك في ليلى ضلال مضللُ
سلا كل ذي ود عن الحب وارعوى وأنت بليلى مستهام موكل..."
أما ليلى ...
فقد كان نصيب قلبها أن يُفطر وتتألم بسبب ذلك الفراق وأكبر دليل على ذلك ما روي ابن قتيبة في كتابه "|عن الشعر والشعراء|"
حيث قال أنه هنالك رجلٌ ذهب إلى |الشام| فمر بمنطقة تيماء بقرب خيمة عظيمة قد هطل المطر عليها فتنحنح وإذ به يجد إمرأةً تكلمه قائلةً:
"انزل فنزل" فقالت" يا عبدالله, أما وطئت من بلاد نجد؟
فقال: كلها. فقالت: بمن نزلت؟
فقال: ببني العامرية,
فقال: تنفست الصعداء وقالت: هل سمعت بذكر فتى يقال له قيس يلقب بالمجنون؟"
فقال:" أي والله نزلت عند أبيه ونظرت إليه, فسألت أبيه عن حاله فقال: لا يعقل ولا يفهم إلا إن ذكرت له ليلى فيبكي وينشد الأشعار, فبكت ليلى وانتحبت"
ويقال أنها بقيت مدة طويلةً على هذه الحال من البكاء والعزلة وكتبت:
" ألا ليت شعري والخطوب كثيرةٌ متى رحل قيس مستقل فراجعُ
بنفسي من لا يستقل بنفسه ومن هو إن لم يحفظ الله ضايعُ
وأسلمني الباكون إلا حمامةً مطوقةً قد صانعت ما أصانعُ
إذا نحنُ أنفدنا الدموع عشيةً فموعدنا قرن من الشمس طالعُ".
مقدار حب قيس لليلى
وصل حب قيس لليلى لمراحل قيل أن الفواصل بينها وبين الجنون قليلةٌٍ ستتسبب بفقدان عقله
لكن الله اختار موته بدلاً عن ذلك بعد أن صارع ألم الفراق عن معشوقته مستأنساً بشعره لها الذي يرويه للقبائل التي يجوبها بسبب إنفطار قلبه عليها
ومن أجمل ما كتبه لها هو:
" سأبكي على ما فات مني صبابةً وأندب أيام السرور الذواهب
وامنع عيني أن تلذ بغيركم وإني وإن جانبت غير مجانب
وخير زمان كنت أرجو دنوهُ رمتني عيون الناس من كل جانب
فأصبحت مرحوماً وكنت محسدواً فصبراً على مكروهها والعواقب..."
فما أجمل هذا |الحب العذري |الذي انتهى بقلبين قد كُسرا بسبب جبروت الأهل وقسوتهما التي حالت بين قلبين عاشقين انتهى بهما المطاف بموت العاشق وهذيان المعشوقة ونحيبها.
إذا أعجبكم هذا النوع من المقالات أرجو مشاركتها مع الأصدقاء
📜 بقلمي أمل الخضر
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك