عجائب الإبداعات الهندسية في محطة الفضاء الدولية - الجزء الأول
يعتقد الكثير من الناس بأن بناء مكانٍ يستطيع الناس العيش فيه في |الفضاء|، أكبر الإنجازات العلمية الحديثة، ولعلّهم محقون في ذلك، لأن نقل كل ما يحتاجه الإنسان من متطلبات العيش على الأرض إلى علبةٍ معدنيةً صغيرةٍ تسبح في الفضاء، ليس بالأمر البسيط أبداً، فكيف نجح العلماء في تصميم وبناء |محطة الفضاء الدولية|؟ وكيف استطاعوا نقلها وتركيبها في ظروف الفضاء الاستثنائية؟ سنحاول في هذه المقالة أن نلقي بعض الضوء على بعض تفاصيل إحدى أعاجيب العصر الحديث، فرافقونا في هذه الرحلة.
التكاليف والمواصفات:
وصلت تكاليف بناء المحطة الفضائية الدولية إلى مئةٍ وخمسين مليار دولار، وهي تتكون من ملايين القطع التي تتمتع بتقنياتٍ عاليةٍ هي آخر ما توصل إليه العلم، وفيها ست عشرة وحدةً تضم أماكن للنوم والمعيشة وستة مخابر علمية، بالإضافة إلى غرفة المراقبة، وكلها متصلةٌ ببعضها البعض بواسطة مجموعةٍ من الأنفاق المحكمة التي تسمح بفصلها عن بعضها عند الضرورة.
أقسام المحطة:
يصل وزن المحطة إلى أربعمئةٍ وعشرين طناً، وقد تم تزويدها بمجموعةٍ من قوارب نجاة جاهزة دائماً للإقلاع في أية لحظة، وفيها أماكن مخصصةٌ للزوار، وأماكن لكبسولات "سويوز" الروسية، ولكي تحافظ على سلامة كلِّ من فيها، فعليها أن تتمتع بالاكتفاء الذاتي، بأن تحتوي كلَّ متطلبات الحياة، ولكن قبل كل ذلك، يجب على المهندسين وضعها حيث يجب أن تكون.
تحول الصاع إلى تعاون:
من غير الممكن أن يتم بناء المحطة على الأرض ثم إرسالها دفعةً واحدةً إلى الفضاء، فكان على المهندسين بناء المحطة في الفضاء قطعةً قطعة، بدون وجدود ما يقفون عليه، وبدون وجود هواءٍ يتنفسونه، وحتى بدون أيدٍ عاملة، وقد بدأت المحطة بوحدتين منفصلتين، تم بناء إحداهما في |روسيا| والأخرى في |الولايات المتحدة الأمريكية|، وكان هذا التعاون مثمراً جداً بعد سنواتٍ طويلةٍ من التنافس والتسابق في مجال غزو الفضاء.
بدء تكوين المحطة:
انطلقت الرحلة الأولى في عام 1998، ونقلت الوحدة الروسية "زاريا" ثم لحقت بها الوحدة الأمريكية "يونيتي"، وكان التحدي الأول للمهندسين هو تحقيق التحام الوحدتين ببعضهما، ولكن أنظمة الالتحام لم تكن منسجمةً بين الوحدتين، فهما أصلاً لم تبنيا لتصبحا جزءً من محطةٍ واحدة، فقام المهندسون ببناء نظامٍ خاصٍ يكوّن صلة وصلٍ بين الوحدتين، يسمى محول التواصل المضغوط، ويسمح باتصال أبواب الالتحام بين الوحدتين.
التحام المحطتين وبدء العمل:
بعد نجاح الالتحام بين الوحدتين، أصبحت محطة الفضاء جاهزةً للعمل، ومنذ ذلك الوقت، انضم مهندسون من مختلف دول العالم إلى المشروع، فبنوا مختبرات فضاءٍ، ومساحاتٍ أكبر للمعيشة، ولكن كل وحدةٍ من الوحدات تم بناؤها على الأرض ثم نُقلت إلى الفضاء، وقد تطلب ذلك جهداً دولياً هائلاً حتى تكلل بالنجاح.
بقلمي سليمان أبو طافش ✍️
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك