قصة شركة انتل منذ نشأتها حتى شهرتها وسيطرتها على سوق المعالجات - الجزء الثاني
قصة شركة انتل منذ نشأتها حتى شهرتها وسيطرتها على سوق المعالجات - الجزء الثاني تصميم الصورة: رزان الحموي |
استكمالاً لما تكلمنا في مقال سابق حول شركة انتل وكيف تربعت على سوق المعالجات
إنشاء شركة انتل:
اجتمع "نويس" مع كلٍّ من صديقه "غوردن مور" والمستثمر "آرثر روك" بوجود محامٍ، وقاموا بتأسيس شركة انتل، ولم تجد الشركة صعوبةً في جمع أموال المستثمرين الواثقين من "نويس" وإمكاناته، وأصبح "نويس" رئيساً للشركة بينما أصبح "غوردن مور" المدير التنفيذي لها، واستقدم "نويس" عالماً يدعى "آندي غروف" وكلّفه بمهام مدير التشغيل للشركة.
تخصص شركة انتل الأساسي:
اكتملت شركة انتل في عام 1968، وكانت خطتها تصنيع |الذواكر العشوائية| "RAM"، فهي لم تبدأ كشركةٍ متخصصةٍ بإنتاج |المعالجات المكروية|، وذلك لأن الحواسب الشخصية والمعالجات لم تكن قد ظهرت بعد، وخلال سنةٍ واحدة أصبحت انتل رائدة صناعة الذواكر، واستطاعت إنتاج نوعٍ جديدٍ من الذواكر في سنة 1970، وسرعان ما بدأت واردات الشركة تتضاعف مراراً سنةً بعد سنة.
التوسّع نحو الشرق:
أراد "نويس" توسيع شركته، وخاصةً بعد ظهور اليابان ومنتجاتها الإلكترونية المتميزة، فذهب إلى اليابان، التي استقبلته بحفاوةٍ كبيرة، وحاول الاتفاق مع شركة "شارب" حول بناء شراكةٍ بينهما، ولكنه لم ينجح، فعاد خالي الوفاض، ولكنه بعد أقل من شهر، أقام شراكةً مع شركة "بيزي كوم" اليابانية لإنتاج الآلات الحاسبة الإلكترونية التي كانت محور |الصناعات الإلكترونية| آنذاك.
الشراكة الجديدة مع اليابانيين:
أرسلت شركة "بيزي كوم" ثلاثة مهندسين إلى شركة انتل لكي يقوموا بأعمال التصميم، فعيّنت شركة انتل أحد مهندسيها ويدعى "تيد هوف" لمساعدة المهندسين اليابانيين عند الضرورة، فلاحظ هذا المهندس بأن عدد الشرائح في الآلة الحاسبة كبيراً ويمكن اختصاره إلى أربعةٍ فقط، ولكن اليابانيين لم يقتنعوا بوجهة نظره، فذهب إلى نويس وحدّثه بذلك.
فكرة المعالجات المكروية:
عرض "تيد هوف" على "نويس" فكرته باختصارعدد الشرائح إلى أربعة، مع جعل إحداها قابلةً للبرمجة بحيث تستطيع القيام بعدة مهام، فأُعجب "نويس" بفكرته وأدرك بأن لهذه الفكرة مستقبلاً باهراً، فهي كانت بداية المعالجات المكروية، ولكن "نويس" طلب من "تيد هوف" أن يستمر بالعمل مع اليابانيين حسب الاتفاق، على أن يعمل على فكرته بشكلٍ مستقل.
قراءات مستقبلية:
بعد ستة أشهرٍ من عمل "تيد هوف"، أصبحت تصاميم فكرته جاهزةً للتطبيق، فذهب لروبرت نويس وأطلعه على عمله، وعندها ذهب "نويس" إلى إدارة شركة "بيزي كوم" وأخبرها بأن تصاميمها تحتوي الكثير من المشاكل وبأنها لن تؤدي الغرض المطلوب منها، وعرض عليها إنهاء الشراكة بينهما، ولكن شركة "بيزي" التي بلغها أمر تصاميم "تيد هوف" وأُعجبت بها، عرضت على "نويس" إقامة تعاقداتٍ جديدة.
نتائج وخيمة لعدم قراءة المستقبل:
لم تكن الحاجة إلى المعالجات المكروية قد ظهرت بعد، وبما أن تكلفتها عاليةً ومستقبلها غير واضحٍ بالنسبة لشركة "بيزي كوم"، وبما أن التعاقد معها سيعني امتلاكها لكافة حقوق التصنيع والتسويق، ولن تحصل انتل إلا على حصتها من الأرباح، فإن "نويس" لم يوافق على التعاقدات الجديدة إلا بعد تعديلها، بحيث تحتفظ شركة انتل بكافة الحقوق لنفسها، ووافقت شركة "بيزي كوم" على ذلك بشرط ألا تبيع انتل شرائحها الجديدة لشركةٍ منافسةٍ في تصنيع الآلات الحاسبة.
لم يمضِ سوى سنتين، حتى أعلنت شركة بيزي كوم إفلاسها في عام 1974، لأنها لم تدرك أهمية المعالجات المكروية وقيمتها المستقبلية، فأصبحت شركة انتل حرّة التصرف بمنتجاتها، فتربّعت على عرش صناعة المعالجات المكروية منذ ذلك التاريخ.
وهكذا نرى بأن رؤية المستقبل وقراءة المعطيات بشكلها الصحيح، قد يصنع الفارق بين الفشل والنجاح، فإذا كنت تمتلك أفكاراً مستقبليةً فشارك بها أصدقاءك، أو اطلعنا عليها.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك