قوم عاد والمدينة الضائعة " إرم ذات العماد " تصميم الصورة وفاء مؤذن |
لكن عندما سمع ملكهم شداد بالجنة التي يوعد هود كل من آمن به قرر أن يبني مدينة تشابه الجنة التي يتحدث عنها نبي الله هود
وبالفعل عندما بني المدينة ،أرسل الله الوحي على هود أن يخرج وهو ومن معه خارج المدينة لكي لايصيبهن من العذاب شيء ،
فقبل دخول شداد وقومه إلى المدينة
بدأت بوادر العذاب
أرسل الله ريحاً قويةً ،حاول القوم الاحتماء منها بحفر عميقة وملاجئ ، كانت قد نحتوها تحت الأرض إلا أن الرياح تبلغ من القوة أن اقتلعت الحفر بمن فيها
فكان المرء منهم مع كل ضخامته تتقاذفه الرياح من جهة إلى أخرى كريشة طائر ،وبلغت قوة الرياح وشدتها أنها قطعت رؤوس القوم وأيديهم بحسب| الروايات| والتفاسير المختلفة
وبالطبع هذه الريح اقتلعت البيوت والقصور المشيدة وهدمت المصانع والمباني الشاهقة وبحسب بعض التفاسير فإن هذه الرياح كانت جافة ومن شدة جفافها كانت محرقة
أتت على كل مظاهر الحياة في كل مدن قوم عاد فجعلتها رميم
استمرت رياح العذاب ٧ ليالي و٨ أيام ، ليقف هبوب الرياح وتختفي| إرم ذات العماد| تحت الرمال الكثيفة دون أثر يبقى
أما قوم عاد الجبارين فقد أضحوا قوم مقطعين الرؤوس والأطراف بعد أن تقاذفتهم الرياح كأجزع نخل خاوية
ونجى الله هود ومن آمن معه من العذاب الأليم
هذه المدينة وقصتها ذكرت في أكثر من موضع في| القرآن الكريم |،فنجد لها ذكراً في سورة الأحقاف والحاقة والشعراء وهود والأعراف والفجر وبالطبع تناولتها |الأحاديث النبوية| في سير الأمم الغابرة
ولكن بالرغم من هذا بقي الكثير من المشككين بصحة هذه القصة ،بل وصل بهم الأمر الى اعتبار مدينة إرم مدينة أسطورية من نسج الخيال
حتى ظهور أعظم الإكتشافات
عام ١٩٩٠ أعلن عالم الآثار " نيكلوس كلاب " اكتشاف المدينة الأسطورية
المدينة الضائعة من كتاب لكاتب يدعى بيتر توماس بعنوان" أريبيا فيلكس "يتحدث عن بقعة معينة ،أطلق عليها البدو أسم عبار ، رأى فيها الكاتب أثار شديدة القدم ، وبالطبع أكمل العالم البحث عن هذه المدينة ،لتبدأ عمليات البحث وإزالة الرمال ،عما أطلق عليها فيما بعد أسطورة الرمال (عبار).
انتشرت أحداث هذا الاكتشاف ،فوجد وصفاً لهذه المدينة وإحدى قلاعها في مقال قد نشر في" صحيفة التايم "الأمريكية
حيث يقول المقال أن القلعة المكتشفة هي ثمانية الأضلاع ،سميكة الجدران ،ذي أبراج في زواياها ،مبنية على أعمدة ضخمة ،بارتفاع تسعة أمتار وقطر ثلاثة أمتار
لتبدأ بعدها التساؤلات حول هذه المدينة ،ما إذا كانت هي مدينة إرم ذات العماد أم مدينة أسطورية أخرى
وكحال المدن الأسطورية القديمة الأخرى ، اختلف المؤرخون على تحديد مكانها الفعلي ،فمن الجيزة إلى الأسكندرية فدمشق مروراً بجبل إرام في الأردن وصولاً إلى الموقع الأكثر شيوعاً وأقصد هنا " عبار" في صحراء الربع الخالي
بابطبع اجتمع رأي| العلماء المسلمين |على أن هذه المدينة ، بنيت في الأحقاف أي مدينة الرمال المطوية ، وهذا على أساس ورود ذكرها في سورة الأحقاف والأحاديث النبوية التي تناولت هذا الموضوع ذكر النبي محمد ﷺ لاسم الأحقاف فيما يخص هذه المدينة
الأمر المثير في قصة هذه المدينة
أن الاكتشافات الأثرية أثبتت أن هذه المدينة كانت مدينة سابقة لأوانها بعمرانها الهندسي وضخامتها
والأكثر من هذا أن الدراسات الجغرافية والجيولوجية للمنطقة التي تم اكتشاف |الأثار| فيها
وأقصد في| الربع الخالي| أكدت أن هذه المنطقة كانت تتمتع بأراضي خضراء وأنهار ومياه غزيرة ونشاط سكاني وعمراني زاهر ، إلا أن عاصفة رملية هوجاء غير مسبوقة دفنت هذه المدينة وأهلها دون سابق إنذار وقلبت المنطقة إلى صحراء قاحلة ،لتنهي بذلك أسطورة قوم ومدينة شغلت ومازالت تشغل العالم والعلماء .
إذاً أصدقائي هذا ماكان في جعبتنا عن قوم عاد ومدينتهم الجدلية إرم ذات العماد وقصتهم مع النبي الله هود
قصة تحذرنا أن عاقبة الغرور والتباهي عادةً ماتكون وخيمة
وأن الله حقاً يمهل ولا يهمل ، فمهما علا شأن الجاحد ومهما بلغ من نجاحات فسيسقط يوماً لا محاله.
أصدقائي المتابعين لاتنسوا أن تشاركوا هذا المقال مع أصدقائكم وتشاركونا الرأي في تعليق لنكمل معكم بأغرب القصص التاريخية.
بقلمي حسن فروخ
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك