إمارة قرطبة " المرحلة الثانية من تاريخ الأندلس " تصميم الصورة ريم أبو فخر |
فبعد سنواتٍ طويلةٍ من الصراعات الدامية، أصبحت بلاد الأندلس جزءً من| الدولة الأموية |الإسلامية
وبعد قيام |الدولة العباسية|، لاحق العباسيون كلَّ من يمتُّ للأمويين بصلةٍ وقتلوه، واستطاع أميرٌ وحيدٌ هو عبد الرحمن المعروف بالداخل، أن يهرب من بطش العباسيين ويصل إلى الأندلس بمساعدة أخواله الأمازيغ
فأنشأ فيها إمارةً ولقّب نفسه بالأمير ولم يُطلق على نفسه لقب خليفة المسلمين، فدخلت الأندلس بذلك حقبةً جديدةً من تاريخها تسمى حقبة إمارة قرطبة، بعد أن كانت الحقبة التي سبقتها تسمى حقبة الولاة.
الفترة الأولى من إمارة عبد الرحمن الداخل:
تعتبر حقبة| إمارة قرطبة| أهم حقبةٍ في تاريخ الأندلس، ففيها عرفت الأندلس أوج ازدهارها وقوتها
وقد اتخذ عبد الرحمن الداخل من مدينة قرطبة عاصمةً لدولته، وكانت فترة حكمه التي استمرت قرابة ثلاثٍ وثلاثين سنةً، مليئة بالاضطرابات والثورات والحروب
فقد بدأت بقمع ثورة اتباع يوسف بن عبد الرحمن الفهري الوالي السابق على الأندلس، ثم تصدى لثورة العلاء بن مغيث، وهو أحد قادة الأندلس الذي تحالف مع العباسيين.
استمرار عبد الرحمن في قمع حركات التمرّد:
استطاع عبد الرحمن الداخل أن يهزم جيش العلاء بن مغيث وأن يقتله مع الكثير من قادته، ثم قطع رؤوسهم وأرسلها إلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، الذي راعه هول ما وصله
فقال حينها جملته المشهورة: "الحمد لله الذي جعل بيننا وبين هذا الشيطان بحراً"
وبعد ذلك واجه عبد الرحمن حاكمي مدينتي برشلونة وسرقسطة الذين استغلا انشغال عبد الرحمن في حروبه الجنوبية وأعلنا استقلالهما عنه.
ملك الفرنجة يغزو الأندلس:
تحالف حاكم برشلونة "سليمان الأعرابي" مع ملك الفرنجة "شارل مارتن" الذي تمكّن من توحيد بلاد الغال وعبر جبال البيرينيه (البرانص) بهدف استعادة أراضي أوروبا من المسلمين
وقد وصل إلى مدينة سرقسطة وحاصرها بالتعاون مع جيش سليمان الأعرابي، ولكنه فشل في دخولها، وعندما اندلعت الثورات في بلاده بسبب غيابه عنها، اضطر إلى الانسحاب واعتقل سليمان الأعرابي الذي ورّطه في هذه الحرب.
أنظار عبد الرحمن تتجه نحو شمال الأندلس:
أثناء عودة شارل مارتن إلى بلاده، وخلال عبوره أحد الممرات الضيقة في جبال البيرينيه، نصب له أتباع سليمان الأعرابي كميناً تمكّنوا فيه من القضاء على مؤخرة جيش الفرنجة وتحرير سليمان الأعرابي
ولكن حسين الأنصاري حاكم سرقسطة، استطاع الانتقام من سليمان الأعرابي الذي هاجمه مع ملك الفرنجة وقتله، وهنا وجد عبد الرحمن الداخل الفرصة سانحةً للسيطرة على شمال الأندلس.
عبد الرحمن يبسط سيطرته على الأندلس:
توجّه عبد الرحمن الداخل على رأس جيشه نحو مدينة سرقسطة، فحاصرها حتى تمكّن من دخولها وقتل حاكمها الحسين الأنصاري سنة 783م، وبذلك أصبحت جميع أراضي الأندلس تحت سيطرة عبد الرحمن الداخل، الذي استطاع بناء دولةٍ قوية، وجيشٍ قوي دعمه بالكثير من المرتزقة
كما بنى سوراً منيعاً حول عاصمته قرطبة، وبنى فيها الكثير من الأوابد الحضارية ومن أشهرها جامع قرطبة، وتوفي سنة 788م بعد أن ترك لسلالته من بعده إرثاً كبيراً ودولةً قويةً مترامية الأطراف.
سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك