قصة الأندلس منذ فتحها حتى قيام الدولة العباسية - الجزء الرابع - سليمان أبو طافش

 قصة الأندلس منذ فتحها حتى قيام الدولة العباسية 
تصميم الصورة ريم أبو فخر

استكمالاً للمقال السابق عن قصة الأندلس ...

معركة بلاط الشهداء:

قام عبد الرحمن الغافقي سنة 732م بحشد جيش كبير واتجه به نحو بلاد الغال، فاستولى على بعض المدن الجديدة مثل "بوردو" و"غواتيه"

 ولكن الأوروبيين حشدوا جميع قواتهم ووحدوا امكاناتهم في مواجهة| المسلمين|، فتمكنوا من هزيمتهم وقتل قائدهم عبد الرحمن الغافقي في المعركة الشهيرة "بلاط الشهداء"، التي كانت أكبر انتكاسة للمسلمين لأنها أوقفت الزحف الإسلامي في أوروبا.

نهاية التوسع الإسلامي في الأندلس:

بعد معركة بلاط الشهداء، توقف الزحف الإسلامي في أوروبا، رغم قيام حملة جديدة سنة 734م، بقيادة عبد الملك الفهري، فاستولى على بعض المناطق الجديدة مثل "مرسيليا"

 ولكنه لم يستطع التوغل أكثر في بلاد الغال، بل استطاع ملك الفرنجة "شارل مارتن" سنة 737م من شن حملة كبيرة دمّر خلالها بعض الحصون الإسلامية

 ولم تحدث بعد ذلك أية تغيرات مهمة على الحدود بين المسلمين والمسيحيين في| الأندلس|.

الأمازيغ يثورون مجدداً:

أدى تعثّر الجيوش الإسلامية إلى تشجيع |الأمازيغ |ثانيةً على التمرّد ضد الحكم الأموي، بسبب سياسة بعض الولاة الظالمة والمتحيّزة إلى العرب ضدهم

 فقامت في سنة 740م في بلاد المغرب ثورةٌ بقيادة "ميسرة المدغري" الذي تبنّى أفكار الخوارج

فاستقل عن| الدولة الأموية |بشكلٍ كامل، ثم تمكّن خليفته "خالد الزناتي" من هزيمة الجيش الأموي في معركة "بقدورة" سنة 741م.

الثورات تنتقل إلى الأندلس:

بعد هزيمة الأمويين في معركة بقدورة، تشجّع الأمازيغ في الأندلس على التمرد ضد حاكمهم "عبد الملك الفهري" الذي استعان ببقايا جيش الأمويين المنهزم في معركة بقدورة ليتمكن من إخماد ثورة الأمازيغ في الأندلس

 ولكن أعوانه سرعان ما انقلبوا ضده وقتلوه سنة 742م، فعمت الاضطرابات الداخلية انحاء الأندلس، وساءت أحوال الناس، ولم تهدأ الأمور حتى أرسل حاكم إفريقيا الجديد "حنظلة الكلبي" قريبه ليكون والياً جديداً على الأندلس سنة 743م.

عودة الهدوء إلى الأندلس:

تمكّن الوالي الجديد من تهدئة الأمور في الأندلس بأن أخرج الجنود العرب منها، ثم أصبح "يوسف بن عبد الرحمن الفهري" والياً على الأندلس سنة 747م، وكان مسيطراً مع عائلته على معظم الأندلس وبلاد المغرب بشكل شبه مستقل عن الدولة الأموية

 ثم أصبحت الأندلس المقر الوحيد والأخير للأمويين بعد سقوط دولتهم على يد العباسيين سنة 750م.

بداية عصر الخلافة الأموية في الأندلس:

بعد قيام |الدولة العباسية|، قام العباسيون بملاحقة الأمويين وإبادتهم، فلم ينجُ منهم سوى الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، المعروف بعبد الرحمن الداخل

 فاستطاع دخول الأندلس بمساعدة أخواله الأمازيغ، وقد وقع في خلافٍ مع والي الأندلس ولكنه استطاع حشد جيشٍ كبيرٍ ضده، وانتصر عليه سنة 756م، فانتهت حقبة الولاة في الأندلس وبدأت حقبة الخلافة الأموية.

في النهاية، هل نستطيع القول بأن دخول المسلمين إلى الأندلس كان غزواً أم فتحاً؟

 قد يختلف الناس حول الإجابة عن هذا السؤال، فهي تعتمد على فهمنا لمفهومي الغزو والفتح، ولكن علينا الاعتراف بأن المسلمين بنوا في الأندلس حضارةً كبيرةً لا يمكن لأحدٍ تجاهلها.

بقلم سليمان أبو طافش