التنمية البشرية بين العلم والخداع - الجزء الثاني تصميم الصورة: رزان الحموي |
بدأنا في المقال السابق حديثنا عن ما إذا كانت التنمية البشرية هي علم أم لا و عن الآلية التي يقنع فيها المدرب الشرية بفكرة ما لنتابع اليوم حديثنا عن ..
المؤهلات التي تسمح لشخصٍ ما بأن يقوم بعملية التنمية البشرية
لو وقف شخصٌ ما يتحدث عن تجربته الشخصية، ومعاناته في مرحلةٍ من حياته من صعوباتٍ معينة، وكيف استطاع مواجهة تلك الصعوبات والتغلّب عليها، فهذا طبعاً أمرٌ مفيد، ويحفّز المستمعين إلى الاقتداء به، ولكنهم إذا عادوا إلى حقيقة ما رواه هذا الشخص فيجب أن يجدوه حقيقياً، وإلا فقد كلَّ قيمته، ولهذا فعلى من يدّعي مهاراته في |التنمية البشرية| أن يكون قد طبّق أفكارها وحصل منها على نتائج فائقة تجعل الناس يقتنعون بما يقوله.
لماذا تلجأ التنمية البشرية إلى أمورٍ دينية؟
يستخدم دعاة التنمية البشرية كثيراً من |المفاهيم الدينية| لتأييد أفكارهم، وخاصةً عندما يعجزون عن إثباتها علمياً، وهذا يهدف إلى استثارة عواطف الناس وعقولهم عبر إيمانهم، كما يهدف إلى حماية الدعاة أنفسهم ممن يطالبونهم بإثبات ما يدّعونه، فلا أحد يطالب بإثبات المعتقدات الدينية لأنها مسلّمات.
صفات مدرّب التنمية البشرية:
تعتمد مهنة |مدرّب التنمية البشرية| على عدّة عوامل، فهي بدايةً تعتمد على المدرب نفسه، فيجب أن تكون مبادئه ذات قيمةٍ عالية عند الناس، ويجب أن يتمسك بتلك المبادئ ويقدرها، وعلى المدرب ألا يطلق أية أحكامٍ على المتدرب، كما ينبغي على المدرب أن يتمتع بمهارات التحدث والالقاء والاقناع، وليس ضرورياً أن يحمل المدرب أية شهاداتٍ أو ألقابٍ في التنمية البشرية، ولكن حملها يجعله موثوقاً أكثر.
من أين يحصل مدربو التنمية البشرية على شهاداتهم؟
إذا بحثنا عن الشهادات التي يمكن لمدربي التنمية البشرية أن يحملوها، فإننا لن نجد أية جامعةٍ تمنح مثل تلك الشهادات، ولكننا نجد بعض من يدّعون بأنهم يحملون لقب دكتوراه في التنمية البشرية أو ما شابه ذلك، فمن أين حصلوا على تلك الشهادة؟
قد توجد هيئاتٌ ومنظماتٌ معيّنةٌ تمنح شهادة مدرّبٍ في التنمية البشرية، وفق منهجٍ محددٍ، ومقابل مبالغ معينة، ولكن ما هي تابعية تلك الهيئات والمنظمات؟ وما مدى مصداقيتها؟ بالطبع لا أحد يسأل عن ذلك، بل نجد الكثير من الاناس يتشدّقون ببعض ما تعلّموه عن التنمية البشرية وكأنها حقائق علمية، دون أن يدركوا بأن ما يقولونه مجرّد كلامٍ عادي يعرفه جميع المثقفين، وهو غالباً مجرد كلامٍ تحفيزيٍ لا أكثر.
ما هو الهدف الحقيقي لمدربي التنمية البشرية؟
تعجُّ |مواقع التواصل الاجتماعي|، ومواقع الانترنت بالمناهج التدريبية في مجال التنمية البشرية، وهي عادةَ ليست مجانية، وتتألف من عدة مقاطع فيديو، وبعض المقالات، كما تطالب المتلقي بأداء بعض الواجبات، وهي تعد بتقديم شهادةٍ ما بعد إتمام التدريب بنجاح، ورغم أن ذلك قد يكون صحيحاً، إلا أن الهدف الرئيسي من كل ذلك هو الربح المادي فقط.
خلاصة الحديث:
تعتمد التنمية البشرية على بعض العلوم الحقيقية، |كعلم النفس| و|علم الاجتماع| وغيرها، وهي لا تخلو من تقديم بعض الفائدة المعنوية للمتدربين، وهي ليست سيئةً بشكلٍ عام، ولكن فوائدها أقل بكثيرٍ مما يعتقده الناس، وتأثيراتها محدودةٌ جداً على المدى البعيد، وهي ليست أكثر من بدعةٍ احترفها بعض الناس لجني الأموال السهلة، فعلينا ألا نبالغ في تقديراها وفي تعاملنا معها.
إذا كانت المعلومات التي طرحناها تخالف ما تعرفونه، فأتوقع أن تشاركونا أراءكم، وإذا كنتم تتفقون مع ما طرحناه، فنرجو ان تشاركوا في نشره.
بقلمي: سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك