اختبئ في خزنة البنك ٢٧ ساعة دون أن يكتشفه أحد ! تصميم الصورة وفاء مؤذن |
في تلك الليلة حفروا لمنتصف الجدار تقريباً، لمسافة خمسة عشر سنتيمتر، واتفقوا على إكمال ما تبقى من الجدار المسلح في الليلة التالية وهي ليلة دخولهم للخزنة.
وبالفعل حدد سباغياري موعد العملية في يوم السبت بتاريخ ١٧ تموز، واختار هذا اليوم بالتحديد لأنه أول أيام العطلة، وبالتالي سيكون |البنك |فارغاً في اليوم التالي وهو يوم الأحد.
وفي ليلة دخولهم للخزنة
أكملوا عملية حفر الجدار والتي استغرقت وقتاً أطول مما كان متوقع، لكنهم تمكنوا في النهاية من دخول الخزنة عند الساعة الثانية صباحاً
وبدأت عملية |سرقة الأموال| وصناديق الأمانات، أول شيء قاموا به عند دخولهم الخزنة هي لَحم الباب من الداخل تحسباً لمحاولة أحدهم الدخول، مما يتيح لهم الوقت الكافي للهرب في حال اضطروا لذلك.
- وبدأت عملية كسر أقفال صناديق الأمانات الواحد تلو الآخر، واستطاعوا الحصول على كنوز من الذهب والمجوهرات والأموال داخل هذه الصناديق، وكل ما كانوا يتمنون الحصول عليه داخل خزنة محصنة مثل هذه
وكان زبائن البنك يحتفظون بداخلها على أثمن ممتلكاتهم، ووجدوا بداخل هذه الصناديق أواني وكؤوس مصنوعة من الذهب، وكانت غنيمة بكل معنى الكلمة، وكانت تستحق كل هذا التخطيط والتعب والمجازفة.
- واحتفالاً بانتصارهم العظيم ونجاح مهمتهم قرر سباغياري أن يتناولون الطعام الذي أحضروه معهم بهذه الأواني وهم داخل الخزنة
إحدى عربات البريد التي كانت تنقل الأموال وهي عربات مصفحة وبداخلها حراس مسلحين، مروا في تلك الليلة ووضعوا حقيبة من الأموال في الخزنة عن طريق الفتحة الخارجية
فهناك فتحة موجودة على جدار| البنك |الخارجي وهي عبارة عن أنبوب صغير يستطيعون من خلاله إنزال الأموال في الخزنة من دون فتحها، وهذه الفتحة كانت صغيرة جداً لايمكن لإنسان المرور من خلالها، فقد كانت مخصصة لدخول حقائب وأغراض صغيرة.
-ولك أن تتخيل كيف كان شعورهم عند نزول الحقيبة وكأنها هدية من السماء، وتضاف إلى غنيمتهم الكبيرة
واستمروا بفتح صناديق الأمانات الواحد تلو الآخر وقضوا حوالي ٢٧ ساعة في الخزنة وبالرغم من ذلك لم يتمكنوا من فتح إلا أربعمئة صندوق فقط من بين صناديق الأمانات والتي يصل عددها لأربعة آلاف صندوق.
ولكن الغنائم التي حصلوا عليها من هذه الصناديق بالإضافة للأموال الموجودة في الخزنة كانت أكثر من كافية
وفي الساعة الخامسة من صباح يوم الأحد أعلن سباغياري لرجاله بأنه قد حان وقت المغادرة، وقبل خروجه كتب عبارة " بدون سلاح وبدون عنف وبدون كراهية" وفي النهاية تم القبض عليهم كما ذكرنا سابقاً.
كل هذه التفاصيل ذكرها سباغياري
بعد إلقاء القبض عليه وأبدا كامل استعداده للتعاون معهم على شرط الابتعاد عن زوجته وعدم المساس بها.
تم احتجاز سباغياري حتى يصدر حكم نهائي في حقه
وخلال هذه الفترة كان سباغياري برفقة محاميه يلتقون بالقاضي في مكتبه كل يوم خميس، وكان هدف| القاضي| تقييم حالة سباغياري ومدى تعاونه، واستمر هذا الوضع لعدة أسابيع
ولأن| الجريمة |لم تكن تتسم بالعنف وبسبب تعاون سباغياري أيضاً توقع الجميع بأنه سيحصل على حكم مخفف ولن يحكم عليه القاضي بمدة طويلة في السجن.
وفي إحدى أيام الخميس وأثناء ذهابه للجلسة الروتينية المعتادة مع القاضي، كان سباغياري يعيد سرد أحداث السرقة بشكل متسلسل، وخلال كلامه قدم للقاضي ثلاثة أوراق مرسوم عليها شبكة الصرف الصحي تحت المدينة، وبدأ يشرح له التفاصيل وكيف خطط للأمر، وحدد له النقطة الاي بدأت منها عملية الحفر.
-وبدت الحيرة على وجه |القاضي|، فقد كان غير قادر على ربط كلام سباغياري بالخريطة التي أمامه
وعندما شعر بأن كلامه غير مفهوم، وقف خلف كرسي القاضي بكل هدوء وبدأ يشير بأصبعه على الخريطة محاولاً أن يشرح للقاضي بدقة أكثر، وكان القاضي يركز بشدة على هذه التفاصيل.
- وفجأةً التف سباغياري نحو النافذة التي كانت خلف كرسي القاضي وركض بسرعة وقفز من خلالها، تاركاً القاضي والمحامي في حالة صدمة محاولين استيعاب ماحدث
ولم يكن مكتب القاضي مرتفع كثيراً فقد كان في الطابق الأول، حيث قفز على سطح سيارة وكان هناك شخص يقود دراجة ينتظره.
واختفى سباغياري من دون أي أثر
ومن ذلك اليوم لم يره أحد، ولم تستطع| الشرطة |إيجاد حصته من الغنيمة والتي لم يفصح عن مكانها أبداً أثناء التحقيق، فقد كان يستخدمها كورقة رهان لإعطائه حكم مخفف في المحكمة
ويقال بأنه أرسل ٦٠٠ دولار لصاحب السيارة التي قفز على سطحها، وقضى بقية حياته وهو يرسل صور ورسائل مستفزة للمحققين من خلال وسائل الاعلام والصحف والمجلات، لكن زوجته رفضت أن تكمل معه حياة الهروب هذه وقررت أن تستمر بعملها كممرضة في إحدى مستشفيات المدينة.
فهل كانت هذه العملية تستحق كل هذه الخسارة ؟
لم يستطع أحد معرفة جواب هذا السؤال...
فقد تم العثور على سباغياري وقد توفي عام ١٩٨٩، بسبب إصابته بسرطان الرئة
توفي ومازال يحمل لقب مدبر سرقة القرن.
تهاني شويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك