 |
| كيف دمُرت حضارات العالم القديم وما سر انهيارها و تفسير لغزها؟ - الجزء الخامس - تصميم الصورة : ريم أبو فخر |
ومع قصة هذا الانتصار العظيم للمصريين نرى لوحة جدارية محفورة فيها أعداد هائلة من الأسرى من شعوب البحر، ونقشت هذه اللوحة بدقة كبيرة، تبين أشكال شعوب البحر، وكانوا أشخاص عاديين ولم تكن أحجامهم ضخمة أو مخيفة، وكانوا يضعون قبعات مصنوعة من الريش أو القصب، ويبدو من النحت على المعبد المصري أن شعوب البحر لم يكونوا متشابهين في ملابسهم مع بعض.
هذا التصوير إضافة لبعض المصادر المصرية المكتوبة عن هذه الشعوب، يشير إلى أنهم لم يكونوا جيش متماسك موحد وأنهم أقرب إلى أن يكونوا تحالف من عدة شعوب مختلفة اتفقوا على الإبحار والغزو معاً.
ذكرت النصوص المصرية القديمة أسماء لبعض هذه الشعوب المتعددة
مثل شعب " دينيان" و " سيردن" و" تجيكر" و "بيليست"، والملفت للنظر أن| شعوب البحر| لم تكن شعوب غامضة كما صور لنا التاريخ، وليست شعوب مجهولة على الأقل للمصريين الذين يعرفون أسمائهم، وكان هناك علاقات قائمة فيما بينهم، وتواجد بعضهم في مصر بصفة مهاجرين لعشرات السنين ما قبل الغزو.
وكان هناك شعب من شعوب البحر والمسمى " شيردن"
كان يستعين بهم |رمسيس الثاني| كمرتزقة في حروبه مع الحيثيين، فما هو السبب الذي جمعهم معاً و حولهم لقوى غازية ومدمرة لحضارات شرق المتوسط
لا أحد يعرف السبب وليس هناك أي دليل أو قطعة من الآثار تدل على سبب تعاونهم لتدمير وحرق هذه الحضارات، وليس هناك ذكر لاسم ملكهم أو قائدهم.
وهذا هو العنصر الأول والذي ساهم في تدمير وانهيار| حضارات شرق المتوسط|، لأن غزوات شعوب البحر وبالرغم من أنها كانت مدمرة إلا أنها لم تكن السبب الوحيد لدمار حضاراتنا.
وسنتحدث الآن عن الخارطة السياسية لمنطقة شرقي المتوسط، كيف كانت وقت الانهيار؟!
حيث كانت هذه الحضارات تنقسم لفئتين
الأولى هي الحضارات التي انهارت تماماً، وتمت إبادتها من الوجود، وتم مسحها كلياً، ولم يبقى منها سوى القليل من الركام في نهاية العصر البرونزي، وهذه الفئة تضم |الحضارة الموكيانية| و حضارة أوغاريت والحيثيين وممالك وحضارات أخرى عديدة.
- أما الفئة الثانية فهي الحضارات التي لم يقضي عليها الانهيار والدمار الذي حدث في نهاية العصر البرونزي واستمرت فترة طويلة بعد ذلك، وهذه الفئة تضم الحضارة المصرية القديمة والحضارة الآشورية، وهي حضارات كبرى بالرغم من أنها ضعفت جداً بعد هجمات شعوب البحر، لكنها بقيت على قيد الحياة.
وبعد هذه الضربات العنيفة اختار الآشوريين الانسحاب من مستعمراتهم التي بات من الصعب الدفاع عنها، وتراجعوا إلى مركزهم الأصلي في مدينة " نينوى" والتي تقع بين نهري دجلة والفرات في العراق. وكانت حالة مصر في ذلك الوقت معقدة بعض الشيء وقد كانت تحت حكم الملك |رمسيس الثالث|، وكان ذو مكانة على اعتبار أنه ينحدر من سلالة ملوك الأسرة التسعة عشر، ومنهم رمسيس الأول والثاني الأكثر شهرة وعظمة.
تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك